للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعملون" (١) وهذا نص جلي على أنه تعالى خلق أعمالنا، وإنما عملنا النحت بنص الآية وبضرورة المشاهدة فهي التي عملنا وهي التي أخبر تعالى أنه خلقها لا المادة المنحوتة.

٨ - ومن الأدلة قوله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (٢) فنص تعالى في الآية على أنه برأ المصائب كلها فهو بارىء لها والبارىء هو الخالق نفسه بلا شك فصح يقينًا أن الله تعالى خالق كل شيء إذ هو خالق كل ما أصاب في الأرض وفي النفوس ثم زاد تعالى بيانًا يرفع الإشكال جملة بقوله تعالى: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" فبين تعالى أن ما أصاب الأموال والنفوس من المصائب فهو خالقها وقد تكون تلك المصائب أفعال الظالمين بإتلاف الأموال وأذى النفوس فنص تعالى على أن كل ذلك خلق له تعالى وبه عز وجل التوفيق (٣).

ويستدل ابن حزم على خلق الله لأفعال عباده من طريق النظر بقوله:

"إن الحركة نوع واحد وكما يقال على جملة النوع فهو يقال مقول على أشخاص ذلك النوع ولابد فإن كان النوع مخلوقًا فأشخاصه مخلوقة. وأيضًا فلو كان في العالم شيء غير مخلوق لله عز وجل لكان من قال العالم مخلوق والأشياء مخلوقة وما دون الله تعالى مخلوق


(١) سورة الصافات: الآيتان (٩٥، ٩٦).
(٢) سورة الحديد: الآيتان (٢٢، ٢٣).
(٣) انظر الفصل لابن حزم (٣: ٥٤ - ٦١). والمحلى (١: ٤٧).

<<  <   >  >>