يعارض النصوص بمعقوله فكانوا متفقين لا تنازع بينهم معتصمين بالقرآن والإيمان ولكن بعد أن ترجمت كتب الفلسفة اليونانية إلى العربية واطلع الناس عليها وتعلمها البعض واتسعت رقعة البلاد الإسلامية ودخل في الإسلام فريق - لم يدخل الإسلام إلى قلوبهم - بقصد الإفساد والتشكيك بين المسلمين. تغير أسلوب المناقشات والإقناع والجدل بالحجج العقلية فخلط المتكلمون علم الكلام بالفلسفة فأصبحا كالفن الواحد، والحق أن ما يتحدث به المتكلمون من إقامة الحجج على ما يتعلق بالعقيدة ليس بحثا عن الحق فيها - وإن اعتقد هذا من قصر علمه بالشرع - وإنما التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان الثابتة بالشرع وتدفع شبه أهل البدع عنها، لأن ذلك كان معلومًا من قبل الشارع، وألجأت إلى ذلك الحاجة عند الرد على أهل الإلحاد بمجانسة اعتراضاتهم وبعد:
فموضوع هذه الرسالة:"ابن حزم وموقفه من الإلهيات، عرض ونقد".
ومن أسباب اختيار هذا الموضوع، ما كان يجول بخاطري عند اطلاعي على كتب الفرق من عدم ذكر رأى الظاهرية في أي مسألة من مسائل أصول الدين على شهرتها وبروز رأيها في مسائل الفروع، فكنت عند ذلك أتساءل هل تلتزم الظاهرية بظاهريتها في الأصول كما هي في الفروع؟ وأجيب بأنها لو كانت كذلك لكانت مجسمة. ولكني لم أر أحدا ذكرها منهم، ولم أر لها رأيا مع أصحاب التجسيم، وقد رأيت كلاما لابن تيمية في شرح العقيدة الإصفهانية في كلامه على الصفات مؤداه: أن ابن حزم وأمثاله