للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإقليم. (١) وقد وصف لنا أبو محمد بن حزم خراب دورهم بقرطبة من جراء هذه الأحداث بعد أن استخبر من ورد إليه منها. وكان قد أجلى. فقال: "ولقد أخبرني بعض الوارد من قرطبة وقد استخبرته عنها أنه رأى دورنا ببلاط مغيث في الجانب الغربي منها وقد أمحت رسومها وطمست أعلامها وخفيت معاهدها، وغيرها البلى وصارت صحارى مجدبة بعد العمران وفيافي موحشة بعد الأنس، وخرائب منقطعة بعد الحسن، وشعابًا مفزعة بعد الأمن ومأوى للذئاب ومعازف للغيلان وملاعب للجان ومكامن للوحوش". (٢)

في تلك الأيام المملوءة بالفتن والاضطرابات السياسية نهض خيران العامري حاكم المرية وكاتب الأدارسة وحرض على قتل المستعين حتى جاء علي بن حمود العلوي من الأدارسة وفتح قرطبة سنة ٤٠٧ هـ وقتل المستعين وتلقب بالناصر فبدأت دولة العلويين فأحس خيران خيفة من ابن حمود فسعى سرًّا ليعيد الأمر إلى الأمويين بعد أن سعى قبل ذلك بخروجه منهم، وظهر عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن الناصر ببلنسية فبايعه أكثر أهل الأندلس وتقلب بالمرتضي وذلك سنة ٤٠٨ هـ وقد قدم عليه ابن حزم فاتخذه وزيرًا له وقد سار المرتضي ومعه ابن حزم بجيشه الذي يضم خيران العامري وصاحبه المنذر بن يحيى إلى قرطبة لحرب بني حمود ولكن وقفت أمامهم جيوش غرناطة وعليها في ذلك الوقت شيخ البربر زاوى بن زيرى الصنهاجى فنشبت الحرب بين الفريقين وانتهت بهزيمة المرتضي لخيانة وقعت من خيران وصاحبه ووقع أبو محمد في


(١) انظر جذوة المقتبس للحميدى ص ١٨ - ٢٠.
(٢) طوق الحمامة لابن حزم ص ٢٢٠، ٢٢٢.

<<  <   >  >>