للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحسن منها من الناحية الروحية والألفة في الحياة البيتية وتوفير السعادة.

ولكن لما انتشرت الحضارة الغربية في الشرق وانتشر معها شيء يسير أو كثير من الثقافة الأجنبية والذوق الأجنبي وأساليب الحياة الاجتماعية المألوفة في الغرب، ثم ظل جانب كبير من الحياة في الشرق مُوصَدًا دُونَ هذه الأساليب التي اتفق أنها أوثق صلة بالغريزة البشرية وأكثر تساهلاً في سلوك الأفراد الشخصي والاجتماعي، مال المثقفون بالثقافة الغربية من الشرقيين إلى الانفلات من البيئة الشرقية المغلقة للانطلاق في البيئة الغربية المشرعة إلى كل جهة. ثم لما كثر أيضًا التردد بين الشرق والغرب للتجارة والأسفار وطلب العلم والبعثات المختلفة نشأت دواع من الألفة والحب والمصلحة واتفاق الأذواق بين الشرقيين والغربيات في الأكثر.

ولقد أجاز الإسلام الزواج بالكتابيات من اليهوديات والنصرانيات بعد أن سكنت عواصف العداوة بين الإسلام وبين اليهود والروم النصارى. ثم جئنا نحن اليوم نقيس الفرنسيات والبريطانيات والأمريكيات على الروميات في صدر الإسلام بجامع النصرانية بينهن، فنتزوج بهن من غير حرج، مع أن الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين هم ألد أعدائنا اليوم. فإذا نحن عرفنا أن زواج المسلم بالنصرانية واليهودية كان محرمًا في بدء الدعوة الإسلامية لاشتداد أوار الحرب والعداوة بين المسلمين وبين اليهود والنصارى ثم جاز الزواج بالنساء منهم لما زالت دواعي العداوة والحرب أدركنا أن الزواج بالفرنسيات والبريطانيات والأمريكيات يجب أن يكون اليوم ممنوعًا حُكْمًا، للعداوة التي يحملها الغربيون للإسلام والحروب الدائرة فعلاً بين المسلمين والغربيين في كل مكان. ولا ريب أبدًا في أن الزواج بالإسرائيليات، وباليهوديات اللواتي لا يسكن إسرائيل أيضًا، يجب أن يكون محرمًا قطعًا (١).

ونأتي الآن إلى الصعيد الشخصي، إن الموضوع المقصود قد تختلف أجنبية من أجنبية وقد تكون مثلاً أو العلم أو السلوك الاجتماعي. ولكن حينما تضع الجماعات أسسًا لحياتها بل تقصد إلى القواعد العامة وتهتم بمصلحة العديد الأكثر. من أجل ذلك قد نرى مسلمين تزوجوا بأجنبيات وهم يعيشون عيشة هنيئة صحيحة، بل قد نرى أيضًا أولادًا ولدوا من أمهات غير مسلمات ثم هم مع ذلك ذَوُو محافظة على الشعائر وغيرة على الإيمان. ولكن القاعدة العامة هي أن الزواج بالأجنبيات غير المسلمات يسلب البيت الإسلامي جَوَّهُ


(١) راجع " الأسرة في الشرع الإسلامي "، تأليف الدكتور عمر فروخ: ص ٨٢.

<<  <   >  >>