للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنالك محاولات كثيرة مثل هذه. ومع أن جميع المحاولات الأولى قد خرجت من المدارس الفرنسية فيجب أن نستثني مِنْ حَمَلَةِ هذه الحركة نفرًا من الأساتذة ليس هذا رأيهم. من هؤلاء الأستاذ (جورج الكفوري) مدير الدروس العربية في الكلية العلمانية الفرنسية في بيروت سابقًا والذي تولى وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة في لبنان في أوائل عهد الاستقلال. للأستاذ (جورج الكفوري) كِتَابٌ قَيِّمٌ اسمه " اللغة العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها " (١). ثم إن للأستاذ (جورج الكفوري) نظرات صائبة في صلة اللغة العربية الفصحى بالعامية، وهو يدعو إلى تسهيل الفصحى ويرى من هذا التسهيل فوائد كثيرة، ثم يقول: «وَمَتَى سَهُلَتْ اللُّغَةُ وَأَصْبَحَتْ فِي مُتَنَاوَلِ السَّوَادِ الأَكْبَرِ مِنَ الشَّعْبِ أَصْبَحَ مِنَ اليَسِيرِ إِحْلاَلَهَا (أَيْ إِحْلاَلُ اللَّغَةِ الفُصْحَى) مَكَانَ العَامِّيَّةِ».

• • •

وبعد أن نامت فكرة «الكِتَابَةِ العَامِّيَّةِ بِالحَرْفِ اللاَّتِينِي» رجعت من جديد وتحت ستار «تَسْهِيلِ اللَّغَةِ» إلى الاستيقاظ. وآخر ما ظهر في هذا الباب " تبسيط قواعد العربية وتبويبها على أساس منطقي جديد " (٢)، تأليف الدكتور (أنيس فريحة) (أحد أساتذة التاريخ واللغات السامية في الجامعة الأمريكية في بيروت).

أما الأساس الجديد الذي يقترحه (أنيس فريحة) فهو موضع جدال كبير، وأنا أعتقد أنه في بعض الأماكن يعقد ما كان إلى الآن سهلاً في الصرف والنحو. فنحن المتشددين نقتصر في أدوات الجواب على كلمتين: «نَعَمْ، بَلَى» لما بينها من الاختلاف في المعنى ولأن لهما فائدة عملية في قراءتنا وكتاباتنا. أما الدكتور (أنيس فريحة) فيدخل هاتين الأداتين في باب: «حُرُوفٍ تَشْتَرِكُ بَيْنَ الاسْمِ وَالفِعْلِ»، ثم يعدد منها سِتًّا هي: نَعَمْ، بَلَى، إِيْ، أَجَلْ، جِيرْ (مُمَاتَةٌ)، جَلَلْ (مُمَاتَةٌ) (٣) - ويقصد بكلمة (مُمَاتَةٍ) أنها لا تستعمل اليوم -.

ولكن يبدو أن الدكتور (أنيس فريحة) يريد أمرًا آخر: إنه يريد أن يجعل من اللغة العربية الفصحى والحرف العربي مشكلتين يستحيل حلهما، ولذلك هو يرى أن ينتقل العرب إلى الكتابة في العامية وبالحرف اللاتيني. إن يبسط رأيه هذا على منحى كبير وبشيء من التهكم كان يجب أن يترفع عنه من يدعو إلى «أَسَاسٍ مَنْطِقِيٍّ جَدِيدٍ». إنه يقول:


(١) صفحاته ١٢، بيروت ١٩٤٨.
(٢) جونية ١٩٥٢.
(٣) " تبسيط قواعد العربية ": ص ٧.

<<  <   >  >>