للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنشاطه من كتبه ومقالاته وأحاديثه. ولكن الرجل كشف الآن عن اعتقاده وأصبح يقول صراحة وَعَلَنًا باللغة العامية المكتوبة بالحرف اللاتيني. وسنكتفي هنا بكلمة في كتابيه الأخيرين في الموضوع: في كتابه " محاضرات في اللهجات وأسلوب دراستها " (١) وفي كتابه " نحو عربية ميسرة " (٢)، وأحسب أنه استوفى معظم آرائه في هذين الكتابين. ومع أن خلاصة الكتاب الأول موجودة في الكتاب الثاني، أو أن الكتاب الأول كله ملخص من الكتاب الثاني (٣)، فإن الدكتور (أنيس فريحة) ينضح في كتابه الثاني بالحقد على اللغة العربية الفصحى وبالبغض لأهلها وبالتهكم على تراثها والهزؤ برجالها.

وفي ما يلي جمل مختارة من كتابه " نحو عربية ميسرة ":

- «وَلَكِنْ لاَ يَصِحُّ اِعْتِمَادَ اللُّغَةِ، كَمَا تَحَدَّرَتْ إِلَيْنَا مُدَوَّنَةً، مَصْدَرًا لِدِرَاسَةِ اللُّغَةِ فِي عُهُودِهَا السَّابِقَةِ. ذَلِكَ لأَنَّ الذِينَ اِسْتَنْبَطُوا قَوَاعِدَهَا وَضَبَطُوا أَحْكَامَهَا اِعْتَمَدُوا الشِّعْرَ الجَاهِلِيَّ أَوَّلاً ثَمَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ مَادَّةَ لُغَوِيَّةً. وَمَتَى كَانَتْ لُغَةُ الشِّعْرِ وَلُغَةُ الأَدَبِ وَالدِّينِ مِرْآةً تَعْكِسُ لُغَةَ النَّاسِ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَكَاسِبِهِمْ» (ص ١١).

- «وَلَكِنْ تَجْدُرُ بِنَا الإِشَارَةُ أَوَّلاً إِلَى أَنَّ الجَمْعَ (جَمْعَ الكَلِمَاتِ فِي القَوَامِيسِ) تَنَاوَلَ لُغَاتٍ عَرَبِيَّةٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ الحَمَاسُ لِلْجَمْعَ بَالِغًا مَبْلَغَهُ فَأَقْحَمُوا هَذِهِ الكَثْرَةَ دُونَ رَوِيَّةٍ فِي التَّحْقِيقِ. وَلَيْسَ فِي قَوْلِنَا هَذَا مَا يُقَلِّلُ مِنْ اِحْتِرَامِنَا لأُولَئِكَ العلماءَ الأَفْذَاذِ. وَلَكِنَّ عَمَلَ المَعَاجِمِ لاَ يَتِمُّ بِالطَّرِيقَةِ الفَرْدِيَّةِ. غَيْرَ أَنَّ مَنْ يَعْرِفُ " لِسَانَ العَرَبِ " أَوْ " التَّاجَ " أَوْ " القَامُوسَ " (٤) لاَ يَسْتَطِيعُ إلاَّ أَنْ يَرْفَعَ قُبَّعَتَهُ إِجْلاَلاً لِجَامِعِيهَا» (ص ١٣).

- «فَإِنَّ عَلَينَا فِي مَوَاقِفِنَا الرَّسْمِيَّةِ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِلُغَةِ الأَجْيَالِ الغَابِرَةِ، عَلَيْنَا أَنْ نُعَبِّرَ عَنْ أَحَاسِيسِنَا وَدَوَاخِلِنَا بِلُغَةٍ وَقَفَتْ فِي مَجْرَاهَا عِنْدَ نُقْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي الزَّمَانِ وَالمَكَانِ (يقصد الدكتور فريحة: ظُهورَ الإِسْلاَمِ) عِنْدَمَا أُحِيطَتْ بِهَالَةٍ مِنَ التَّقْدِيسِ، وَعِنْدَمَا سِيجَ حَوْلَهَا بِسِيَاجٍ مِنَ الأَحْكَامِ، فَوَقَفَتْ فِي تَطَوُّرِهَا عِنْدَ هَذِهِ النُّقْطَةِ مِنَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ» (ص ١٨، ١٩).

- «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الفُصْحَى بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ لُغَةَ الدِّينِ وَاللُّغَةَ الرّسمِيَّةَ أُخْضِعَتْ لِلْقُيُودِ التِي يَفْرِضُهَا الصَّرْفِيُّونَ وَالنَّحْوِيُّونَ» (ص ٢٢).


(١) القاهرة ١٩٥٥.
(٢) بيروت ١٩٥٥.
(٣) " نحو عربية ميسرة ": ص ٧، ٨.
(٤) يعرض الدكتور (فريحة) هنا بالمعاجم وواضعيها " لسان العرب " لابن منظور، و" تاج العروس " للمرتضى الزبيدي، و" القاموس المحيط " للفيروزآبادي.

<<  <   >  >>