للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قرر المجتمعون يومذاك، بعد أن تذاكروا في إنشاء الكلية السورية الإنجيلية، اتجاه تلك الكلية فقالوا: «نَحْنُ نُصِرُّ عَلَى الطَّابِعِ التَّبْشِيرِيِّ لِلْكُلِّيَّةِ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ أُسْتَاذٍ فِيهَا مُبَشِّرًا مَسِيحِيًّا». وكذلك تبنى المجتمعون شرعة الاتحاد التبشيري على أن تكون تلك الشرعة هي الخطة التي يجب أن يعمل كل أستاذ عليها. وفي عام ١٩٠٢ - أي في العام الذي اعتزل فيه (دانيال بلس) رئاسة الكلية - زال الإصرار على الفقرة فقط (١).

وهكذا نرى أن الكلية السورية الإنجيلية قد ولد في رؤوس المبشرين ثم تعهدها المبشرون بعد ذلك أيضًا. ولقد اشترط المبشرون على القائمين بأمر الكلية ألا تفسد هذه الكلية عليهم عملهم (أي ألا [تعمل] ما يناقض مبدأهم التبشيري] وأن تكون مؤسسة بروتستانتية (٢).

وهكذا نرى بكل وضوح أن الكلية السورية الإنجيلية كانت نتاج التعليم البروتستانتي ووليد الإرسالية الأمريكية للتبشير (٣). ومع أن الكلية كانت تعتمد في أول أمرها فقط على مساعدة الإرسالية المادية، فإنها كانت دائمًا تتفق معها في الغاية: في السياسة التبشيرية وفي العمل معها في هذه السبيل (٤).

وفي أول الأمر مالت الكلية إلى كتمان جهودها التبشيرية - وإن ظلت تبذلها - تجنبًا لسخط الحكومة العثمانية، ولذلك قال (دانيال بلس) نفسه: «إِنَّ السَّنَوَاتِ الأُولَى التِي شَهِدَتْ تَطَوُّرَ الكُلِّيَّةِ فِي مَجْرَاهَا بِهُدُوءٍ قَدْرَ الإِمْكَانِ، فَلاَ تُلْفِتُ إِلَيْهَا نَظَرَ رِجَالِ الحُكْمِ قَبْلَ أَنْ تُثَبِّتَ جُذُورَهَا فِي الأَرْضِ» (٥).

فلما ثبتت جذورها تركت التستر وأصبح لها اجتماعات دينية ظاهرة فأجبرت جميع الطلاب على حضور الصلوات في الكنيسة كل يوم، وأجبرت الطلاب الداخليين خاصة على أن يحضروا صلاة يوم الأحد أيضًا.

ولما زار المبشر (جون موط) الكلية السورية الإنجيلية عام ١٨٩٥ أسست الكلية فرعًا لجمعية الشبان المسيحيين (٦). إلا أن الاسم كان محرجًا أمام غير النصارى، فغيرته الكلية


(١) Jessup ٢٧٤
(٢) Bliss ١٦٣ - ٩
(٣) cf. Jessup ٢٩٨, Bliss R ٣٢٩
(٤) Bliss R ٣٩٢ : Jessup ٢٩٨. ٨١٧
(٥) Bliss ٢١٧
(٦) وهي اليوم " الجمعية المسيحية للشبان " أو " جمعية الشبان المسيحية ".

<<  <   >  >>