للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعلته «الأَخَوِيَّةَ» (١).وهذه الأخوية لا تزال قائمة إلى اليوم ولكنها كانت تدعى بأسماء مختلفة في الأدوار المختلفة. ومع أن الدخول في هذه الجمعية، «جَمْعِيَّةُ الأَخَوِيَّةِ»، كان اختياريًا لجميع الطلاب، فإن أساتذة الكلية السورية الإنجيلية (٢) كانوا كثيرًا ما ينحدرون إلى مستوى يعطفون فيه على التلاميذ المتأخرين في التحصيل إذا كانوا أعضاء في هذه الأخوية.

وتخرج أحدنا عام ١٩٢٨ وكان كل طالب لا يزال يشعر هذا الشعور. ولقد اصطدمتُ (٣) أنا بعقبات كثيرة ذللتها بجهد شخصي، ولو أنني كنت أحضر الصلوات في الكنيسة أو أنني كنت عضوًا في الأخوية لوفرت على نفسي كثيرًا من الإزعاج:

لقد كان اجتماع الصباح إجباريًا إما في الكنيسة وإما في منتدى " وست هول ". وكان بديهيًا أن أختار الحضور في " وست هول " حيث تكون الاجتماعات بعيدة عن الدين قليلاً أو كثيرًا. وفي يوم من الأيام دعاني عميد الدائرة العلمية الأستاذ (إدوارد نيقولي) وسألني: «لِمَاذَا كُنْتَ غَائِبًا عَنْ الكَنِيسَةِ؟». فقلتُ له: «أَنَا لاَ أَحْضُرُ الكَنِسَةَ وَلَكِنْ أَحْضُرُ اجْتِمَاعَاتِ " وَسْتُ هُولْ "»، فصرفني. ولكن في اليوم التالي دعاني ثم ذكر أنه يستغرب كثرة غيابي عن الكنيسة، فأعدت عليه القول بأنني منذ أول العام قد اخترت الحضور في " وست هول ". وأخيرًا أدرك الأستاذ (نيقولي) أن الإيحاء إِلَيَّ بحضور الكنيسة غير ممكن، فتركني وشأني.

ولا يزال الإصرار على الطابع الديني التبشيري للكلية السورية الإنجيلية قائمًا إلى اليوم. نشر الكاتب (لدفيك برنهارد) في الكتاب السنوي الروسي لعام ١٩٠٥ مقالاً عنوانه " أمريكة في الشرق " صور فيه الكلية السورية الإنجيلية على أنها محاولة مدروسة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية، والتجارية منها خاصة. فرد عليه (رشتر) (٤) بقوله: «إِنَّ مِثْلَ هَذَا الرَّأْيِ فِي هَذِهِ المُؤَسَّسَةِ يَصْدُقُ عَلَى نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَيُضَلِّلُ عَنْ هَدَفِهَا الحَقِيقِيِّ. إِنَّ الكُلِّيَّةَ مُؤَسَّسَةٌ تَبْشِيرِيَّةٌ». وليس هذا فقط، بل هي كما يقول (جسب) (٥): «أَوْضَحُ سِيَاسَةً دِينِيَّةً وَتَبْشِيرِيَّةً مِنْ سَائِرِ المَدَارِسِ الأَمِرِيكِيَّةِ فِي الشَّرْقِ، كَكُلِّيَّةِ رُوبَرْتْ فِي اسْتَانْبُولْ مَثَلاً».

أما (رشتر) فقال عنها (٦): «إِنَّهَا أَرْقَى مَدْرَسَةٍ فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ. إِنَّ عَمَلَ الكُلِّيَّةِ التَبْشِيرِيَّ يَتَنَاوَلُ المُسْلِمِينَ فِي الدَّرَجَةِ الأُولَى، وَهَذَا مَا يَجْعَلُهَا بَارِزَةً فِي ذَلِكَ بَيْنَ جَمِيعِ


(١) Bliss ٢١٧ - ٨, Brotherhood
(٢) الجامعة الأمريكية في بيروت.
(٣) الكلام هنا للدكتور عمر فروخ.
(٤) Richter ٢٢٠
(٥) Jessup ٧٣٧
(٦) Richter ٧٤

<<  <   >  >>