«الآن تُباعين في دَيْنِهِ» ولم يُنكِرْهُ؛ فدلَّ على جواز ذلك، وأمره بعتقها إما لكونها حُرَّة في الأصل، وبيع عمِّها لها لا يُخرجها عن ذلك، وإما رِفقًا بها، ولهذا عوَّضهم عنها.
وأيضًا: لو كانت تعتق بمجرَّد الموت، لم يأمرهم بعتقِها، بل يُقال: لا سبيلَ لكم عليها، هي حُرَّة، ففي أمرهم بعتقِها إشعارٌ برِقِّها، والله أعلم. فدلَّ على صحة بيعها في الدَّيْن.
وأما أنها لا تُباع في غير الدَّين؛ فَلِحديث ابن عباس المتقدم مرفوعًا:«أيما رجل ولدت أَمَتُهُ منه فهي مُعتقةٌ عن دُبُرٍ منه». فهذا عامٌّ، وحديث سلامة بنت معقل هذا خاصٌّ، والخاصُّ يقضي على العامِّ، والله أعلم.
وأما المذهب الرابع: وهو أنها تُباع في حِصَّة ولدِها. قال الشافعيُّ فيما بلغه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله: أنه قال: «أُمُّ الولد تعتق من نصيب ولدها».
وكأن هذا القول يرجع إلى أن أُمَّ الولد رقيقةٌ، ولكن إذا مات سيدُها ولها منه وَلَدٌ موجود فإنه يعتق منها ما ملك ولدها منها، ثم يعتق باقيها على ولدها من نصيبه، فليس هو بمذهب مستقل، والله أعلم.
وأما المذهب الخامس: وهو أن لسيدها بيعها ما دام حيًّا، فإذا مات عَتَقَتْ، فقد حُكي عن عُمر وعن الصحابة كلهم، قال سيف بن عُمر التميمي في كتاب «وفاة النبي صلى الله عليه وسلم»: «وأجمعَ عُمر والمسلمون أن أُمَّ الولد كالمُدبَّرة، أنها مملوكةٌ حياة مولاها، ثم هي حُرَّة بعده حِفظًا للفُروج».