للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف يكون في المسألة إجماعٌ مِنْ الصحابة أو مِنْ غيرهم؟!

وقال أبو الحسن علي بن خلف بن بطَّال (١): «والعلماءُ مُجمِعون على أنه لا يجوز بَيْعُ أُمِّ الولد وهي حامل، فإذا وضعت فهي على الأصل الذي اتفقوا عليه في مَنْع البيع، ولا يجوز الانتقال عنه إلا باتفاق آخر».

قال: «وأئمة الفتوى بالأمصار متفقون على أنه لا يجوز بَيْعُ أُمِّ الولد، وإنما خالف ذلك أهلُ الظَّاهر وبِشْرٌ المرِّيسيُّ، وهو شذوذٌ لا يُلتفت إليه».

ومثل كلامه في استصحابِ الإجماعِ حكاه الحافظُ أبو عُمر ابنُ عبد البَرِّ (٢)، إلا أنه عارضه بنظيره من جهة القائلين بجواز (١٩٧/ أ) البيع، وهو أنه كان يجوز بيعُها قبل أن تحمِلَ بالاتفاق، فبعد وَضْعها يجب أن يجوز استصحابًا (٣) لذلك الاتفاق الذي لا يجوز العدول عنه إلا باتفاق آخر، ولم يوجد.

وأما قول ابن بَطَّال: «إنه لم يُخالِفْ فيه إلا أهلُ الظَّاهر وبِشْرٌ» فكلامٌ باطلٌ؛ لأن جماعة من الصحابة يقولون بالجواز كما سيأتي (٤). وهو قولٌ عن أبي عبد الله الشافعي في القديم، كما سيُذْكَرُ في موضعه (٥)، وليس كلُّ أهلِ الظاهر ذهبوا إليه كما قال، ولو لم يخالف في المسألة إلا الظَّاهريَّة لم ينعقدِ


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطَّال (٧/ ٦٠).
(٢) «التمهيد» (٣/ ١٦٣).
(٣) «استصحابًا» في الأصل: «استصحابنا».
(٤) (ص ٩٣ - ٩٥).
(٥) (ص ٨٤ - ٩٥).

<<  <   >  >>