فقال في الإبرازة الأخيرة (١): «واختاره [أي: القولَ بجواز بيع أمهات الأولاد] من المتأخِّرين العلامةُ أبو بكر، محمد بن أحمد بن سيِّد الناس، اليَعمَري الأندلسي، خطيب تونس، وصنَّف في ذلك مجموعًا مفيدًا، أجاد فيه وأتقن، وحرَّر فأحسن، وقد احتجَّ لهذا القول: بالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس».
وتعقَّبه في تجهيله لبعض الرواة، كما في حاشية (ق/ ١٩٤/ أ)(ص ٦٠).
[منهج ابن كثير فيها]
انتهج ابنُ كثير رحمه الله في هذه الرسالة منهجَ الفِقه المقارن، المتعمِدَ على عَرْض الأقوال في المسألة، وشرحها، وبيانِ أدلتها ووجهِ الاستدلال من كل دليل، ومناقشةِ أدلَّة كل فريق، ثم الترجيح وَفْقَ ما تقتضيه قواعد الترجيح وأصوله، حتى ولو خالف القولُ الذي رجَّحه المؤلِّفُ مذهبَه الفِقهي؛ فإنَّ ابن كثير رجَّح قولًا هو خلافُ مذهبه الشافعي، بل خلافُ المذاهب الأربعة، وهذا دليل ظاهر على انْعِتاق ابن كثير من رِبْقة التقليد، وتحرُّره العِلمي القائم على اتِّباع الدليل، ونَبْذِ التعصُّب المذهبي، ولا يخفى أن البحث والترجيح بهذه الطريقة يحتاج إلى تمكُّن الباحث من علم الحديث، والفقه، والأصول، واللُّغة، وغيرها من علوم الاجتهاد.
ويذكِّرُنا ابنُ كثير في موقفه هذا بشيخه ابن تيمية وموقفِهِ من مسألة