للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما إذا أولد السيدُ الجاريةَ في مِلْك غيره، ثم ملكها، فهل تصير أُمَّ ولد؟

وحكمِ أولادِ أُم الولد الذين حَدَثوا بعد ولادتها لسيدها؟

وحكم إجارة أُم الولد؟

وحكم أُمِّ ولد الكافر إذا أسلمتْ؟

وبماذا تتربَّص أُم الوَلَد إذا مات عنها سيدها؟

وحكم قَرْض الإماء؟ … إلخ.

وهذه المسألة قد عمَّت بها البلوى من عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى عهدٍ قريب؛ حيث أُلْغِيَ نظام الرِّق.

وقد يقول قائل: أَمَا وقد أُلْغِيَ هذا النِّظام، ولم يَعُدْ لهذه المسألة تطبيقٌ عملي ظاهر في عصرنا، فما فائدةُ إخراجِ هذه الرسالة، بل ما فائدة بحثها أصلًا؟

فنقول:

أولًا: هذه المسألة مِنْ شَرْع الله عز وجل، وقد أفرد لها الفقهاءُ كافَّةً أبوابًا في كُتُب الفقه التي ألَّفوها، وليس من طُرُقِ نَسْخِ الأحكام الشرعيَّة عدمُ وجود تطبيق ظاهر لها في بعض العصور. بل إن الفقهاء بحثوا في كتبهم مسائل لم يكن لها تطبيق في عصرهم، وقد أضحى لها تطبيق عملي في عصرنا هذا.

ثانيًا: إنَّ نظام الرِّقِّ لم يُلْغَ إلا منذ نصف قرن تقريبًا (١)، وليست هذه


(١) كان نظام الرق مَعمولًا به عند جميع أُمم الأرض، بصفته نظامًا مشروعًا ومتعارفًا عليه
= إلى أن أصدر مجلس الثورة الفرنسي في عام (١٧٩١ م) قرارًا بإلغاء الرِّقِّ من جميع المستعمرات الفرنسية، وعندما تولَّى نابليون الحكم لاحظ انخفاض صادرات المستعمرات الفرنسية التي تعتمد على اليد العاملة الزنجية، فأصدر قرارًا عام (١٨٠٢ م) بالعودة إلى استرقاق الزنوج، فثار الزنوج في المستعمرات الفرنسية، ولكن نابليون قمع ثورتهم وأعادهم إلى الرِّقِّ!
وفي عام (١٨٨٤ م) صدر قرار في فرنسا بإلغاء الرِّق مرة أخرى، تماشيًا مع قرارات مشابهة اتخذتها كل من بريطانيا، ثم البرتغال، ثم هولندا، ثم الدانمارك عام (١٨٦٠ م). وظل نظام الرِّقِّ معمولًا به في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن أصدر أبراهام لنكولن في عام (١٨٦٣ م) إعلانًا بتحرير الرَّقيق في ولايات الجنوب الأمريكي. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقَّعت الدول المشتركة في عصبة الأمم اتفاقية تقضي بملاحقة تجارة الرقيق والمعاقبة عليها. وفي عام (١٩٤٨ م) أصدرت هيئة الأمم المتحدة إعلانًا عالميًّا يحظر الرِّقِّ وتجارة الرقيق، وقد التزم بهذا الإعلان أكثر دول العالم. انظر «الموسوعة العربية العالمية» (١١/ ٢٥٨).
وتجدر الإشارة إلى أن الشريعة الإسلامية قد حفظت حقوق الرقيق، وجفَّفت منابع الرِّقِّ، وفي المقابل يسَّرت سُبُل العِتْق، وحثَّث عليه. وانظر في هذه المسألة: كتاب «الرِّق في الإسلام»، وهو ردٌّ على الكاردينال الفرنسي لافيجري، كتبه بالفرنسية أحمد شفيق باشا، وعرَّبه: أحمد زكي باشا. وكتاب «شُبهات حول الإسلام» (ص ٣٠ - ٥٥) للأستاذ محمد قطب. جزاهم الله خيرًا.

<<  <   >  >>