للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على ذلك: إجماعُ الصحابة رضي الله عنهم؛ روى الشَّعبيُّ عن عَبيدة السَّلماني، قال: خطبنا عليٌّ فقال: رأى أبو بكر وعُمرُ عِتْقَ أُمهات الأولاد حتى مضيا، ثم رأى عُثمان ذلك، ثم رأيتُ أنا -بَعْدُ- أن يُبعنَ في الدَّين.

قال عَبيدة: فقلتُ لعليٍّ: رأيُكَ ورأيُ أبي بكرٍ وعُمرَ وعُثمان في الجماعة أحبُّ إلينا من رأيك في انفرادك في الفرقة. فقَبِلَ منِّي وصدَّقَني».

كذا نقل هذا الأثر! وقد رواه الشافعي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وسعيد ابن منصور من طُرق عن عَبيدة (١)، وليس في شيءٍ منها ذِكْرُ أبي بكر، بل ولا تُعرف في شيءٍ من الروايات، وكذا زيادة قول عَبيدة: «فقَبِلَ منِّي وصدَّقني» لا يُعرف أيضًا.

وأما حكايته عن الشافعي أنها لا تُباع، فعن الشافعي في هذه المسألة أربعة أقوال، قال المُزني في «مختصره» (٢): «قَطَعَ الشافعيُّ في خمسةَ عَشَرَ كتابًا بعِتق أُمَّهاتِ الأولاد، ووقف في غيرها». هذان قولان، وحكى الغزاليُّ (ق ١٩٨/ أ) وغيرُه عن القول القديم أنها تُباع مطلقًا، وعن كتاب «المَنَاصيص» (٣) أنها تُباع حياةَ سيدِها، وتَعْتِق بموته.


(١) تقدم تخريجه (ص ٧٦).
(٢) (ص ٣٣٢).
(٣) كتاب «مناصيص الشافعي» للإمام عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الرُّوياني، الطبري، الشافعي، شيخ المذهب، قُتل على يد الإسماعيلة الباطنية بجامع آمُل، يوم الجمعة حادي عشر محرم سنة (٥٠١ هـ) بعد فراغه من مجلس الإملاء، رحمه الله.
انظر «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>