للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمهات الأولاد]، أجاد فيه وأتقن، وحرَّر فأحسن … »؛ فالظاهر أن ابن كثير لما ألَّف الإبرازة الأولى، وهي المختصرة، لم يكن قد وقف بَعْدُ على مصنَّف ابن سيد الناس المذكور، ثم وَقَفَ عليه بَعْد ذلك، فاستفاد منه، ونَقَل منه فوائدَ علَّقها على حاشية نُسخته، ثم أعاد النظر في مؤلَّفه كلِّه، وقام بصياغته من جديد، وأضاف إليه ما تجمَّع لديه من فوائد ومناقشات وتحقيقات تتعلَّق بالمسألة حَصَلتْ عنده في أثناء بحثه ومطالعته، ولا يبعد أن يكون ابن عُروة وَقَفَ على هذه النُّسخة الخاصة بابن كثير، بدليل أنه نقلها بحواشيها، وهذه الحواشي لابن كثير قطعًا؛ لأنه يُصرِّح بالنقل عن شيخه المزي، بلفظ «شيخنا».

وبعبارة أخرى: إنه أعاد تأليفه مرةً أخرى. وأخرجَهُ للناس من جديد؛ فالفرق بين النسختين كبير، ولا يمكن إيضاحُهُ في الحواشي بإيجاز، لذا؛ أرى أنَّ من المفيد نَشْرَ الإبرازتين جميعًا؛ كي يقف الباحث على التطور العِلْمي والفِقْهي والفِكْري للحافظ ابن كثير، على أنَّ الإبرازة الأولى (المختصَرة) لا تخلو من فائدة، ليست في الإبرازة المُسْهَبة.

وليس هذا هو الكتابَ الوحيد الذي أبرزه ابنُ كثير غير مرَّة، بل هذا الأمر ينسحب على كثير من كتبه، ومنها تفسيره المشهور الذي وضع الله له القَبُول عند الموافق والمخالف، وطبَّقت شهرته الآفاق، أبرزه ابن كثير أكثر من مرة (١). وكذلك «مسند الفاروق»، وفيه بحث ليس هذا موضعَهُ.


(١) انظر مقدمة تحقيق «تفسير القرآن العظيم» لعبد العزيز غنيم، ومحمد أحمد عاشور، ومحمد
إبراهيم البنا (١/ ٧)، ط. الشعب.

<<  <   >  >>