للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحُشِدَ (١) الناسُ في جنازتها، ومع هذا لم تُبَعْ في تَرِكَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى يُجعَل (٢) في صدقته، فدلَّ على أنها عَتَقَتْ بموته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.

والجواب: قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون مولًى (٣) ما بين ذَكرٍ وأنثى -لولا الإطالة لسردْناهم ولله الحمد- قد ذكر أنه أعتق منهم على التعيين بضعةَ عَشَرَ، فمِن أين لكم عِتْقُ الباقين؟

وكيف لم يُبع أحدٌ منهم في تَرِكته؛ ليُجعلَ في صدقته؟

فما كان جوابَكُم عن ذلك؛ فهو جوابٌ لنا في ماريَة سواء.

الثاني: (ق ١٩٦/ أ) يحتمل أنه عليه السلام نَجَّزَ عِتقَهَا في حياته، وإذا احتَمَل الدليلُ واحتَمَل؛ سقطت الدلالةُ منه، بل لو ادُّعيَ القطعُ في ذلك لكان صحيحًا، والحُجَّةُ: حديث عَمرِو بن الحارث المتقدِّم (٤): «ما تَرَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارًا، ولا درهمًا، ولا عبدًا، ولا أَمَةً» فدلَّ على أنه نَجَّزَ عِتْقَ الجميع في حياته؛ لقوله: «عند موته».

وهذا هو اللائقُ بحاله صلى الله عليه وسلم، والذي يُظَنُّ به، وإذا أعتق العبيدَ منهم والإماءَ؛ فَلَأَنْ يُعتِق أُمَّ ولدِه أَولى وأحرى؛ وحينئذٍ: فلا يبقى فيما ذكرتم دليلٌ، والله أعلم.


(١) «حشد» كذا في الأصل، وفي مصادر التخريج المتقدمة: «حشر» بالراء.
(٢) أي: ثمنها.
(٣) انظر «تاريخ دمشق» لابن عساكر (٤/ ٢٥١ - ٣١١).
(٤) (ص ٧٠).

<<  <   >  >>