أحدهما: أن هذا الحديث محمولٌ على وَطْءِ مَنْ أَسْلَمَ منهنَّ.
وهو بعيدٌ؛ لقوله:«وأحببنا الفِداء» إذ يمتنع ردُّها إلى الكفَّار وقد أسلَمتْ؛ اللَّهم إلا أن يُقال: كان هذا قبل تحريم ذلك؛ فإن غزوة بني المُصْطَلِق كانت قبل الحُديبية التي حُرِّم فيها ردُّ المسلمة إلى الكفَّار، وحينئذٍ فيقوى هذا الجواب.
الثاني: جواب أبي الوليد بن رُشدٍ حيث قال: يحتمل أن بني المُصْطَلِق كانوا يدينون بدِين أهل الكتاب.
وهو بعيدٌ جدًّا؛ إذ هو خِلاف المعلوم مِنْ السِّيَرِ والتواريخ. مع أنَّ الجواب الأول أسدُّ، والله أعلم.
قلت: ويتعيَّن حَمْلُ حديث أبي سعيد هذا على أنهم أحبُّوا الفِداء لا البيع؛ لأن النَّسائي روى عن أبي سعيد أنهم كانوا يبيعون أُمَّهات الأولاد على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي بيانه (١) -إن شاء الله- في دليل القول الثاني.
الحديث الثاني: قال البخاريُّ ومسلمٌ: عن عبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس. ومسلم عن يحيى بن يحيى. ثلاثتهم عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دينارًا ولا درهمًا، ما تَرَكْتُ بعد نفقةِ نِسائي ومَؤُونَةِ عامِلي