هذه الأُمَّة، وَضَعَ اللهُ له القَبُولَ عند الموافق والمُخالف، ونَفَعَ بكتبه، ونحن نرى الهيئاتِ والمنظَّماتِ العِلْمية العَالمية تسعى حثيثًا لنشر كُتُبِ ومؤلَّفاتِ العلماء القدماء في العلوم التطبيقيَّة كالفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلك ونحوها، على الرغم من أنَّ كثيرًا من نظرياتهم وتطبيقاتهم أثبت العِلْمُ الحديث خطأها، ومع ذلك يُهتَمُّ بتحقيقها ونشرها (١).
رابعًا: إن نَشْر هذه الرسالة (بإبرازتيها) يُسلِّطُ الضوءَ على جانب مُهمٍّ من فِقْهِ ابن كثير رحمه الله، ويَرْصُدُ تطوره، الأمر الذي يَهُمُّ الدَّارسين والمتخصِّصين في ابن كثير كثيرًا.
خامسًا: إن ابن كثير رحمه الله لم يقتصر في هذه الرسالة على مسألة بيع أُمَّهات الأولاد فقط؛ بل تطرَّق إلى مسائل عِدَّة في عِلْمَي الأصول والمصطلح، وذكر الأقوال فيها، وحرَّرها ورجَّح ما قَوِيَ دليلُهُ الأثري أو النظري لديه.
(١) تقوم الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا على إصدار أعمال عدد من العلماء القدماء أمثال «جاليليو» في إيطاليا، و «نيوتن» في إنجلترا، و «جاوس» في ألمانيا، و «ديكارت»، و «لابلاس» و «لاجرانج» في فرنسا، وغيرهم. وكذلك أصدرت مجموعة الأعمال الكاملة لعالم الرياضيات «أويلر» عن طريق الاستعانة بإمكانيات ست دول، ونشرت الهيئات العلمية المسؤولة الأعمال الكاملة للعالم «برنوللي» في نحو خمسة وأربعين مجلدًا، وقد يُدْهَش المرءُ لطول الوقت الذي يستغرقه إنجاز هذه المشروعات، ناهيك عن ضخامة التكلفة، فقد استغرق إصدار أعمال عالم الرياضيات «كوشي» أكثر من خمسين سنة (!). انظر كتاب «أهمية التراث العلمي العربي» للدكتور أحمد فؤاد باشا، عن دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة.