للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز١ وتعلق من قال بذلك بأن الكتاب موجب العلم والعمل فلا يجوز أن يخص بما يوجب العمل دون العلم ولأنه إسقاط بعض ما تضمنه الكتاب فلا يجوز بخبر الواحد دليله النسخ.

وأما عيسى بن أبان فقال إذا خص العموم يصير مجازا على ما سبق من قوله وخرج أن يكون له ظاهر فى قضيته فصار تخصيصه بمنزلة بيان المجمل.

وأما إذا لم يخص منه شىء فهو باق على حقيقته وهو مفيد للعلم ما يقتضيه فلا يجوز تخصيصه بخبر الواحد لأنه نوع ترك فيكون ما يفيد العلم بما يفيد الظن.

وأما دليلنا فلأن خبر الواحد دليل موجب للعمل فما دل على وجوب العمل فهو الدليل على جواز التخصيص به وهذا لأن العمل بالدليلين واجب ولا يجوز ترك دليل إذا أمكن العمل به وإذا قلنا بالتخصيص الذى ذكرناه عملنا بالدليلين وإذا قلنا لا يجوز التخصيص تركنا دليل السنة.

وبيان الترك أنها دلت على شىء مخصوص وقد تركوه حيث لم يخصوا بها العموم وأما إذا خصصنا العموم فلم نترك دليله لأنه بدليله باق فيما وراء المخصوص.

فإن قالوا: تركتم القول بالاستيعاب فى العموم.

قلنا قد بينا أن اعتقاد العموم لا يجوز بنفس الورود ما لم يعرض العموم على الأصول الثابتة بالكتاب والسنة ثم إذا عرضنا ولم نجد دليلا مخصصا حينئذ نعتقد عمومه فإذا وجد فى الأصول ما يخصه لم يكن هذا ترك القول بما يقتضيه العموم من الاستيعاب بل هو فى الحقيقة بيان اتصل بالكتاب فظهر أنه ورد مقتضيا حكمه فيما وراء المخصوص ويمكن أن يستدل فى المسألة بإجماع الصحابة على تخصيص قوله تعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فإن عمومه يقتضى إباحتها قبل الدخول وبعد فخصوه بقوله عليه السلام: " لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" ٢ وكذلك خصوا قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] بقوله.


١ انظر نهاية السول ٢/٤٥٩ إحكام الأحكام ٢/٤٧٢ المحصول ٤٣٢ المستصفى ٢/١١٤ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٢/٣٠٦.
٢ أخرجه البخاري اللباس ١٠/٢٧٦ ح ٥٧٩٢ ومسلم النكاح ٢/١٠٥٥ ح ١١١/١٤٣٣ وأبو داود الطلاق ٢/٣٠٣ ح ٢٣٠٩ والنسائي الطلاق ٦/١١٨ باب الطلاق للتي تنكح زوجا ثم لا يدخل بها وابن ماجه النكاح ١/٦٢١ ح ١٩٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>