وأما الإجماع فإن الصحابة رضوان الله عليهم اتفقوا على وجوب الغسل من التقاء الختانين بدون إنزال بعد أن كانوا مختلفين فيه ومستندهم في الاتفاق قول عائشة رضي الله عنها لمن سألها عن ذلك فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا فلو كان فعله عليه السلام غير مفيد للوجوب ما أجمع الصحابة على وجوب الغسل مما ذكر لمجرد فعله عليه السلام ذلك ولوجد منهم من يقول بالندب أو الإباحة لأن الفعل من حيث هو محتمل وأجيب عن هذا بأن الصحابة لم يجمعوا على ذلك لمجرد الفعل بل لأن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا يعتبر من باب المناسك وهم مأمورون بأخذ المناسك عنه لقوله عليه السلام: "خذوا عني مناسككم" فيكون فعله عليه السلام مبينا لواجب فيكون واجبا تبعا لما بينه وبذلك يكون الدليل في غير محل النزاع كذلك لأن الفعل المبين لما هو معلوم الصفة ليس من محل النزاع. القول الرابع: وهو المختار للبيضاوي والصيرفي وجماعة الوقف بمعنى أنه لا يحكم لا بالوجوب ولا بالندب ولا بالإباحة حتى يدل الدليل الخاص على واحد من هذه الأمور. ووجهتم في ذلك أن فعله عليه السلام محتمل للوجوب والندب والإباحة وأنه ليس خاصا به بل الأمة مثله في ذلك ومحتمل لأن يكون خاصا به فلا تكون الأمة تابعا له فيه وليس هناك ما يعين واحدا من هذه الأمور السابقة فوجب التوقف وعدم الحكم بشيء بخصوصه حتى يقوم الدليل عليه دفعا للتحكم ويمكن لأصحاب المذاهب السابقة أن تناقش هذا الدليل فتمنع احتمال الخصوصية بأن الأصل عدمها ثم يعين كل واحد منهم ما اختاره من الندب أو الإباحة أو الوجوب بالدليل الذي ساقه عليه. فلا يتم للواقف مدعاه وللواقف أن يرد هذه المناقشات بأن الأدلة السابقة لم تسلم من المناقشات فلم تثبت مدلولاتها فلا عبرة بها وبذلك يسلم دليل الواقف مما ورد عليه ويترجح مذهبه لترجيح دليله انظر البرهان ١/٤٨٧, ٤٨٨, ٤٨٩ وإحكام الأحكام للآمدي ١/٢٤٥ والمعتمد ١/٣٤٣ نهاية السول ٣/١٧ المحصول ١/٥٠٢ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/٨٨, ٨٩, ٩٠. ١ انظر البرهان ١/٤٨٨ المحصول ١/٥١١ إحكام الأحكام للآمدي ١/٢٤٥ المعتمد ١/٣٥٣, ٣٥٤ نهاية السول ٣/١٨, ١٩.