يروى عنه وقد كان يجوز أن يذكر مرة ويترك مرة فأما السكوت عن تسميته فى جميع تارات الرواية فهو موضوع ريبة عظيمة وقد كتبوا حديثا وقديما عمن لم يحمدوا فى الرواية أمره مرة قال الشعبى حدثنى الحارث وكان كذابا وروى شعبة وسفيان عن جابر الجعفى مع ظهور أمره فى الكذب وروى عنه أبو حنيفة وقال ما رأيت أكذب من جابر وروى الشعبى عن إبراهيم بن أبى الحسن وكان قدريا رافضيا ورمى بالكذب أيضا وقد كان جماعة من السلف لشغفهم بالحديث لا يسألون عمن أخذوا وكانوا ينتقدون ويميزون أن سئلوا عن ذلك وقال ابن سيرين حدثوا عمن شئتم إلا عن أبى الحسن وأبى العالية فإنهما لا يباليان عمن أخذا الأحاديث وأرسل الزهرى حديثا ثم سئل فقيل له من حدثك فقال رجل على باب عبد الملك بن مروان وأكثر المراسيل عن الحسن والنخعى وعطاء ومكحول وابن المسيب وسعيد وأبى هلال والشعبى والزهرى فى بعض الأحاديث وقد رووا عامة هؤلاء عن قوم مجاهيل وهذا لا يشكل عن أهل صنعة الحديث فكيف يمكن أن يقال أن المرسل إذا أرسل حديثا فيصير كأنه سمى من روى عنه وعدله والأمر على هذا الوجه وقد قلنا أنه لو جعل هكذا على البعد فيجوز أن يكون الإنسان عدلا عند إنسان ومجروحا عند آخر والمعتبر عدالته عند المروى له فأما إذا صرح فقال حدثنى فلان وهو عدل فالذى ذكرناه يوجب قطع الشبه بين هذه الصورة وبين ما إذا أطلق ولم يذكر وعلى أنا قلنا أن الاعتبار بجانب المروى له فينظر المروى له الحديث فإن سكنت نفسه إلى قوله فقبله وتقوم الحجة عليه وأن لم تسكن نفسه إلى قوله ويجوز أن يكون مجروحا فلا بد من البحث والتفحص فإن قيل قد اعتمدتم فى هذا كله على حرف واحد وهو أن السلف كانوا يروون عمن ليس بثقة وإنه إنما ترك اسمه لقدح عرفه فيه وهو الذى ذكرتم ليس بصحيح لأن من أشكل عمن ليس بثقة وأن كان عرف أنه غير ثقة فذلك يقدح فى عدالته كما أنه إذا ذكر وقال هو ثقة عندى وعلمنا أنه ليس عنده ثقة وكما أن الغالب أنه لا يزكى غير مزكى كذلك الغالب أنه لا يروى عمن ليس بثقة وأن كان يظن أنه ثقة وليس بثقة وهذا لا يقدح أيضا كما لو قال هو ثقة فإنه تجوز روايته وأن كان يجوز أنه قال عمن ظن أنه ثقة وليس بثقة والجواب أن روايته عمن ليس بثقة لا توجب قدحا فى الراوى لما بينا أنهم كانوا يفعلون وإذا سألوا بينوا وعلى أنا قد ذكرنا عن صاحبهم وعن جماعة من السلف أنهم رووا عن قوم وليسوا بثقات ولم يوجب ذلك قدحا فيهم فيجوز أنهم نقلوا لحسن ظن منهم فى.