للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الحديث الواحد أو نقلوا وأرادوا بعد ذلك أن يفتشوا عن حال الراوى عنه وعن حال الحديث أنه رواه غيره ممن يوثق بحديثه أو لا فإذا جازت هذه الوجوه لم يجز أن يجعل روايته قدحا فى الراوى مع علمنا بثقته وعدله وهو دليل استدل به الشافعى رحمة الله عليه والدليل على اعتبار الرواية فنقول أجمعنا على أن الشهادة المرسلة لا تقبل وهو إذا لم يذكر من شهد على شهادته فكذلك الرواية المرسلة ثم وجه التقرير فى إلزام الشهادة وهو أن الشاهدين إذا كانا عدلين لم يجز أن يشهدا على شهادة شاهدين يخفيان ذكرهما وهما عدلان مثل الرواية سواء ومع ذلك لا يصير تركهما ذكرهما دليلا على تعديلهما بل لا بد من ذكرهما مع الشهادة على شهادتهما كذلك لا بد فى الرواية من ذكر المروى عنه مع الرواية عنه وقد ذكروا مسائل فرقوا فيها بين الشهادة والرواية ونحن نقول لا ننكر وجود الفرق بين الرواية والشهادة فى مواضع كثيرة ولكن لا فرق بين الموضعين فى شرط العدالة والخلاف فى قبول المراسيل وعدم قبولها راجع إلى العدالة على ما سبق بيانه وقولهم أن فى الشهادة لو شهد على شهادة إنسان وقال هو عدل لم يثبت عدالته وفى الرواية يثبت قلنا لا نسلم فى الرواية على ما سبق ويجوز أن يكون الإنسان عدلا عند إنسان ولا يكون عدلا عند آخر إلا ترى أن عليا رضى الله عنه لم يقبل رواية من يروى خبر بروع بنت واشق وقبله ابن مسعود وهذا لأن العدالة تعرف بالاجتهاد والناس يختلفون فى الاجتهاد وقال أبو عبد الله البصرى أن القياس يمنع من الحكم بالشهادة على الشهادة فلم يجز قياس المراسيل على ذلك لأنه لا يجوز القياس على المخصوص من القياس ويجاب عن هذا فيقال لا نسلم أن قبول الشهادة على الشهادة بخلاف قياس الأصول ولا نسلم أنه لا يجوز القياس على المخصوص بالقياس وسنبين هذا وعلى أنا نقيس المرسل على الشهادة فى المنع لا فى الجواز فلم يكن هذا قياسا من الوجه الذى يمنع منه القياس فإن قالوا: أن الحاكم فى الشهادة يحكم بشهادة شهود الأصل فلهذا وجب ذكرهم قلنا والحكم بلزوم العبادة إنما يقع بخبر الأول فوجب ذكره وقال بعضهم فى الفرق بين الموضعين أن شهود الفرع فى كلا شهود الأصل لأنه لا يجوز أن يشهدوا على شهادتهم إذا سمعوهم يشهدون حتى يحملوهم الشهادة كما لا يجوز للوكيل التصرف إلا بعد أن يوكله الموكل فلهذا اشترط ذكر شاهد الأصل كما اشترط ذكر الموكل ونحن نقول هذا الفرق غير مؤثر لأنا جمعنا بين الرواية والشهادة فى العلة التى ذكرها المخالف فى المراسيل وهى أن عدالة الراوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>