للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماع الناس على العمل بالحكم الذى تضمنه المرسل فأما البواقى التى ذكروها فعندى أنه ليس فى شىء من ذلك دليل على قبول المرسل فالأولى هو الإعراض عنها والاقتصار على ما قلناه والله أعلم هذا الذى ذكرناه حكم المرسل.

فأما المنقطع فقال بعضهم أن المرسل والمنقطع معنى واحد ومنهم من فرق بينهما١.

وقال المرسل ما ذكرناه والمنقطع هو أن يكون بين الروايتين رجل لم يذكر فمن منع من قبول المراسيل كان من قبول هذا أمنع ومن جوز قبول المراسيل اختلفوا فى المنقطع الذى ذكرناه فقبله بعضهم كالمرسل ومنع منه بعضهم وأن عمل بالمرسل والفرق صعب جدا لمن يرون الفرق اللهم إلا أن يقول: أن الإرسال على الوجه الذى قلناه معتاد متعارف وهو من حسب المتعارف دليل على تعديل من روى عنه فى الصورة التى بيناها ببينة أن الإخلال يذكر هذا الراوى الواحد مع ذكر الراوى قبله دليل على ضعفه وقال أصحاب الحديث مرسل ومنقطع ومعضل فالمرسل ما ذكرنا والمنقطع أن يسقط واحد من الوسط والمعضل أن يسقط أكثر من واحد واعلم أن الثقة إذا روى عن المجهول لم تدل روايته عنه على عدالته ومن أصحابنا من قال يدل ذلك على عدالته ومن ذهب إلى هذا أن هذا المجهول لو كان غير ثقة لبين العدل ذلك فى روايته حتى لا يغتر بروايته وحين لم يبين العدل ذلك دل أن روايته تعديل له والأصح أنه لا يدل على تعديله لأن شهادة شاهد الفرع لا تدل على تعديل شاهد الأصل فكذلك الرواية لأنا بينا أنهم كانوا يروون عن غير الثقة فلا تدل الرواية على التعديل وهذه المسألة فيما إذا سمى من روى عنه إلا أنه مجهول الحال فأما إذا لم يسمه فقد بينا من قبل وأما إذا أسند الرواة الحديث وأرسله غيره فلا شبهة أن من يقبل المراسيل فهو يقبل هذا وأما من لا يقبل المراسيل فينبغى فى هذا الموضع أن يقبل رواية من يسند الخبر لأن عدالة المسند تقتضى قبول الخبر وليس فى إرسال من يرسله ما يقتضى أن لا يقبل إسناد من يسنده لأنه يجوز أن يكون من أرسله سمعه مرسلا ومن أسنده سمعه مسندا فليس يقدح إرسال من يرسله فى إسناد الآخر ويحتمل أيضا أن هذا المرسل سمع الحديث مسندا إلا أنه نسى من يروى عنه وعلم ثقته فى الجملة فأرسله لهذا المعنى وأما إذا أرسله فى وقت وقد أسنده فى وقت فإن إرساله لا يمنع أيضا من كونه مسندا لأن إرساله يجوز أن يكون لما بيناه فلا يقدح ذلك فى إسناده وأما إذا وصل الراوى الحديث بالنبى صلى الله عليه وسلم مرة وجعله موقوفا على بعض الصحابة فإنه يكون أيضا متصلا بالنبى صلى الله عليه وسلم.


١ انظر فتح المغيث ١/١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>