لجواز أن يكون سمعه من الصحابى تارة يذكره عن نفسه على طريق الفتوى وتارة يذكره عن النبى صلى الله عليه وسلم وليس فى الأول ما يقدح عن الثانى وحين وصلنا إلى هذا الموضع نذكر شروط صحة الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنا بينا من قبل تنوع الأخبار وانقسامها إلى مسند ومرسل وقد بينا المرسل.
فأما المسند فهو الخبر المتصل بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حيث النقل١ واتصاله معتبر بثلاثة شروط.
أحدها أن يرويه ناقل عن ناقل حتى ينتهى إلى صحابى يصله بالنبى صلى الله عليه وسلم فإن اختل اتصال النقل فى وسط أو طرف بطل الاتصال.
والثانى أن يسمى كل واحد من ناقلى الحديث بما هو مشهور به مما سمى به وسمى به عن غيره حتى لا يقع التدليس فى اسمه فيمكن الكشف عن حاله فإن لم يسمه وقال أخبرنى الثقة أو من لا أتهمه لم يكن حجة فى النقل وقبول الرواية فإن قيل أليس أن الشافعى ذكر مثل هذا فى أحاديث رواها قيل له بلى ذكر الشافعى مثل ما قلتم ولكن قد اشتهر من عناه فقالوا: أراد بمن يثق به إبراهيم بن إسماعيل وبمن لا يتهمه يحيى بن حسان فصارت الكناية كالتسمية وقيل أن الشافعى قال ذلك احتجاجا لنفسه ولم يقله احتجاجا على خصمه وله فى حق نفسه أن يعمل بما يثق بصحته وأن لم يكن له فى حق غيره.
الشرط الثالث وهو أن يكون كل واحد من جماعة الرواة على الصفة التى تقبل خبره من الضبط والعدالة فإن اختلت هذه الصفة فى حق أحدهم وكملت فيمن سواه رد الخبر ويعتبر فى حق كل واحد من الرواة أن يكون معلوم الاسم والنسب معلوم الصفة من العدالة فإن اختل شىء من ذلك اختلت الرواية عند اجتماع الشرائط التى ذكرنا يكون الخبر مسندا.
فإن قال الصحابى أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا أو من السنة كذا يكون مسندا ويكون حجة وقال أبو بكر الصيرفى لا يكون مسندا ولا يكون حجة وهو قول الكرخى من أصحابى أبى حنيفة وقد ذكرنا طرفا من هذا من قبل فهم يقولون قد تطلق السنة ويراد بها سنة النبى صلى الله عليه وسلم وقد تطلق السنة ويراد بها غيره والدليل عليه أن عليا رضى الله عنه قال فى جلد شارب الخمر جلد النبى صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر رضى الله عنه.