للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعين وجلد عمر رضى الله عنه أربعين وكل سنة١ فقد أطلق السنة على ما فعله عمر رضى الله عنه كما أطلق على ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وفى الخبر: "عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى" ٢ وقال عليه السلام: "من سن سنة" ٣ وأما دليلنا فنقول قول الصحابى فى الأمر والنهى أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا مطلقا يرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم لأن الأصل أنه الأمر فى الشرائع خصوصا إذا كان الصحابى قال هذا القول للنبى صلى الله عليه وسلم وعلى هذا قول أنس رضى الله عنه أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ولهذا لو قال الصحابى رخص لنا أن نفعل كذا ينصرف إلى النبى صلى الله عليه وسلم بالاتفاق فكذلك قول الصحابى من السنة كذا فمطلق السنة منصرف إلى النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا يقال كتاب الله تعالى وسنة النبى صلى الله عليه وسلم وإذا قيل الكتاب والسنة وإنما يفهم من السنة سنة النبى صلى الله عليه وسلم ولأن السنة هى الطريقة المتبعة لأهل الدين والطريقة المتبعة لأهل الدين هى المشروعة فى الدين والمشروع فى الدين إنما يكون من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم فأما من غير الله ورسوله فلا يدل عليه أن من التزم طاعته وبين فإذا قال أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فإنه يفهم منه من يلتزم طاعته ولا يتعدى أمره إلا ترى أن الرجل من أولياء السلطان إذا قال فى دار السلطان أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فهم منه أن السلطان أمر ونهى عما ذكروه وأيضا فإن غرض الصحابى من هذا القول أن يعلمنا الشرع أو يفيدنا الحكم صحب كمال ذلك عمن يصدر الشرع منه دون الأئمة والولاة لأن أمرهم غير مؤثر فى الشرع وهذا راجع إلى الدليل الذى قدمناه فيكون تقريرا له وأما قول على رضى الله عنه فالمراد بالسنة سنة النبى صلى الله عليه وسلم لأن الزيادة على الأربعين مفعولة عندنا تعزيرا والتعزير من سنة النبى صلى الله عليه وسلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "سنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى"٤ فتلك السنة.


١ أخرجه مسلم الحدود ٣/١٣٣١ ح ٣٨/١٧٠٧ وقال "وعمر ثمانين" وأبو داود الحدود ٤/١٦٢ ح ٤٤٨١ ولكنه قال "وكملها عمر ثمانين" وأحمد المسند ١/١٠٣ ح ٦٢٦ لفظه لفظ أبو داود.
٢ أخرجه أبو داود السنة ٤/٢٠٠ ح ٤٦٠٧ والترمذي العلم ٥/٤٤ ح ٢٦٧٦ وقال حديث حسن صحيح وابن ماجه المقدمة ١/٥١ ح ٤٢ وأحمد المسند ٤/١٥٦ ح ١٧١٤٩ انظر تلخيص الحبير ٤/٢٠٩ ح ١٤.
٣ أخرجه مسلم الزكاة ٢/٧٠٤ ح ٦٩/١٠١٧ والنسائي الزكاة ٥/٥٦ باب التحريض على الصدقة وابن ماجه المقدمة ١/٧٤ ح ٢٠٣.
٤ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>