الطاعات فيجوز أن يكون الله تعالى ابتلى عباده بقبول هذه العبادة ايمانا.
ببينة أن الاعتقاد أحد موجبي الأمر فيجوز أن يقع القصد إليه في الأمر ألا ترى أنه لو قال لنا صلوا ركعتين إذا زالت الشمس أن لم أرفع الأمر عنكم قبله كان هذا سائغا في العقول غير مستحيل كذلك إذا أبهم وأراد ذلك ورفعة قبل وقت فعله كان مستحيلا أيضا يدل عليه أن الأمر كما يسقط عن المأمور بنسخه عنه بموته وعجزه عن الفعل ثم إذا لم يكن مستحيلا أن يؤمر بالشيء ثم لا يصل إلى فعلة بموت لا يقطعه عنه أو عجز يحول بينه وبينه وقد يؤمر قلنا إذا اعتبرتم هذا فقولوا لا يجوز النسخ أصلا لأنه إذا كان المأمور به صلاح العباد فلا يجوز أن ينهي عما يصلحهم ولكن قيل لما نسخه تبين أن الصلاح كان إلى هذه الغاية كذلك هاهنا إذا نسخ دل النسخ أن الصلاح كان هذا القدر وهو إلزام القبول وإيجاب اعتقاد الوجوب.
ببينة:أنه غير مستبعد في قضايا العقول أن يكون صلاح عبده في أمره بشيء ثم إذا علم واعتقد الوجوب يرى أن صلاحه في غيرة.
وأما قولهم أنه لا يحسن أن يصل النهي بالأمر فيقول: افعلوا لا تفعلوا قلنا إنما كان كذلك لأنه إذا وصل به لا يفيد الأمر فائدة وأما هاهنا قد أفاد الأمر فائدة على ما سبق فصح النسخ كما بعد الفعل والله أعلم.
[مسألة] ١ أعلم أن المسلم يقتل الكافر فيتوجه إليه بسيفه ثم يقتل قبل أن بصل إليه أو تصيبه آفة تحول دون قصده فإذا جازت مثل هذه الصورة وهذه العوارض المانعة من الفعل جاز أيضا عارض النسخ يدل عليه أن الخصوم في هذه المسألة وافقونا أنه يجوز أن يأمر الله تعالى بموأصلة الفعل سنة ثم ينسخه عنا بعد أشهر فكذلك يجوز أن ينسخه أيضا قبل ابتداء شئ من الفعل لأن جميع ذلك نسخ قبل وقت الفعل فإن قيل بالنسخ تبين أنه لم يعني بالسنة جميعها وأن لم يكن أراد الفعل إلا فى بعض السنة وكان النسخ بيانا للمراد بالخطاب وصار النهي متناولا غير ما يتناوله الأمر ويجاب عنه فيقال يقيد الأمر بالفعل بالسنة والسنة وقت معلوم الأول والآخر يمنع أن يكون المراد بعض السنة أما الجواب عن كلامهم أما الأول قولهم أن هذا يؤدى إلى البداء لأن البداء أن يظهر له شئ كان خافيا عليه وفي هذا الموضع لا يوجد هذا إنما أمر الله تعالى ليبتلى بالقبول واعتقاد الوجوب ثم نسخه عنهم وهذا لأن القبول واعتقاد الفعل مقصود لا محالة والابتلاء به.