للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخبار في معنى هذا كثيرة وإذا أمر في هذه الأخبار بالكون مع الجماعة ونهى عنه الشذوذ ونفى الخطأ والضلالة عنهم دل ذلك أن إجماعهم حجة وصواب وحق يدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم لما قال: "لا تجتمع أمتي على الخطأ" فما أجمعوا عليه أنه لا يجوز مخالفة ما أجمعوا عليه فيجب كون ذلك صوابا غير خطأ فإن قالوا: هذه الأخبار آحاد فلا يصح إثبات الإجماع بها وهي من مسائل الأصول قيل هي متواترة من طريق المعنى فإن ألفاظها وأن اختلفت فقد اتفق الكل على معنى واحد وهو وجوب التمسك بالإجماع وتحريم المخالفة وعصمة الأمة من الاجتماع على الخطأ والضلالة وقد بينا أن مثل هذا الطريق يفيد العلم فإن قيل قوله لا تجتمع أمتي على الضلالة يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم أراد بالضلالة الكفر دون غيره وكذا نقول أن هذه الأمة لا تجتمع على الكفر فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة" قيل له كل معصية ضلالة لأنه قد عدل بها عن الحق ومنه قوله تعالى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} فينبغي أن لا يجوز اجتماعهم على خلاف الحق بحال لأنا قد ذكرنا أن كل ما عدل به عن الحق ضلال وعلى أنه قد قال صلى الله عليه وسلم: "لم يكن الله ليجمع هذه الأمة على الخطأ" وهذا لا ينفي أنواع الخطأ لأن الكلام خرج مخرج بيان كرامة هذه الأمة على الله عز وجل وكرامتهم على الله عز وجل تنفي أن يجتمعوا على كل ما هو خطأ وعدول عن الحق فإن قيل قوله أمتي يتناول جميع أمته من وقته إلى قيام الساعة ولا يتصور اجتماع كلهم على الخطأ وأيضا فإن إجماعهم لا يتصور أن يكون حجة لأنه إذا كان يتناول جميع من صدقه إلى انقطاع التكليف فلا يوجد بعد ذلك تكليف حتى يكون اجتماع هؤلاء حجة وقد ذكرنا الجواب عن هذا السؤال فيما سبق وبينا أن المراد بهذا أهل كل عصر.

ببينة: أن عند المخالفين يتصور اجتماع أهل كل عصر على الخطأ والضلالة فإذا تصور ذلك عندهم في أهل كل عصر إلى أن ينقطع التكليف فقد تصور اجتماع الكل على الضلالة وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فإن قيل ولم قلتم إذا كان لا يجوز اجتماعهم على الخطأ والضلالة يجب أن يكون اجتماعهم حجة ولا يجوز مخالفته قيل له قد اجتمعت الأمة أنه لا يجوز مخالفة ما أجمعوا عليه ونعني بهذا إجماع من يقول: أن الأمة لا تجتمع على الخطأ دون غيرهم فكل من قال أن الأمة لا تجتمع على الخطأ فقد قال أن إجماعهم حجة لأنه لم يجوز لأحد منهم مخالفتهم على ما ورد به النص وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>