للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا اجتمعوا لا يجوز قلنا المستحيل أن يقال أن كل واحد من الأمة يجوز كونه مخطئا في القول الذي اتفقوا عليه وجماعتهم غير مخطئين فيه ونحن لم نقل هذا وإنما نقول أن كل واحد منهم يجوز أن يكون قوله خطأ إذا انفرد وإذا اجتمع مع الكافة لم يكن قوله خطأ وليس نمنع أن يفارق الواحد الجماعة في هذا ألا ترى أن كل واحد منهم يجوز أن يأكل اليوم مأكلا مخصوصا ولا يجوز أن تجتمعوا على أكلة مخصوصة في هذا اليوم وأما قولهم أنه لا بد أن ينعقد الإجماع على دليل قلنا لا نمنع أن يكون إجماعهم عن نص لم ينقلوه واكتفوا بالإجماع عن النقل ويجوز أيضا أن يجتمعوا عن أمارة فطرية وسنبين ذلك من بعد وأما قولهم أن الإجماع لا يكون إلا عن دلالة فتكون تلك الدلالة حجة لا الإجماع قلنا هذا يبطل بقول النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حجة ومع ذلك لا نقول ما يقوله إلا عن دلالة وعلى أنه لا يمتنع أن يكون الإجماع حجة ما صدر عنه الإجماع حجة أيضا فيكون فى المسألة حجتان وأيضا فإن الإجماع وأن كان عن دليل هو حجة ولكن في الاجماع فائدة وهي أن يسقط عنا البحث عن الحجة ويسقط هنا نقلها ويحرم علينا الخلاف الذي كان سابقا في مسائل الاجتهاد وقد قال بعضهم إنا وجدنا إجماعا منعقدا من غير دليل نحو إجماعهم على بيع المراضاة من غير عقد والإستبضاع وأجرة الحمام وقطعة الشارب وأخذ الزكاة من الخيل تبرعا وأخذ الخراج أورد هذه المسائل أبو الحسين البصري في أصوله١.

الجواب أن هذه المسائل لم يقع على كلها الإجماع فإن البيع بالتراضي لا يكون بيعا ولا بد عندنا من الإيجاب والقبول٢ حتى لا يكون ما أخذاه حراما أما البيع فلا يقول: أنه بالتعاطي المجرد ينعقد البيع بحال٣ وأما الاستبضاع فهو على مذهب أبي حنيفة والباقي من المسائل يجوز أن يسلم لكنا نقول أن الإجماع لا يقع إلا عن دليل غير أنه.


١ المعتمد ٢/٥٧.
٢ انظر روضة الطالبين ٣/٣٣٨.
٣ قال الإمام النووي المعاطاة ليست بيعا بيعا على المذهب وخرج ابن سريج قولا من الخلاف في مصير الهدى منذورا بالتقليد أنه يكتفي بها في المحقرت وبه أفتى الروياني وغيره والمحقر كرطل خبز وغيره مما يعتاد فيه المعاطاة وقيل: هو ما دون نصاب السرقة فعلى المذهب في حكم المأخوذ بالمعاطاة وجهان: أحدهما: أنه إباحة لا يجوز الرجوع فيها قاله القاضي أبو الطيب وأصحهما: له حكم المقبوض بعقد فاسد فيطالب كل واحد صاحب بما دفعه إن كان باقيا بضمانه إن تلف انظر روضة الطالبين ٣/٣٣٨, ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>