يقول لديه أحد وأيضا لو جوزنا له الاجتهاد لوجب القطع على أن العلة التي استخرجها هى علة الحكم ولا قطع مع الاجتهاد وإذا لم يقطع جازت مخالفته.
ببينة: أن الأمة أجمعت على أن من استحل مخالفة النبى صلى الله عليه وسلم يصير كافرا فإذا جوزنا له الاجتهاد لم يكن تكفير مخالفه في الحكم لأن الاجتهاد طريقه الظن فلا يجوز أن يكفر من يخالفه فيه فثبت أن الاجتهاد ممتنع أصلا وهذا لأن المجتهد لا يؤمن عليه الغلط فكيف يحرم مخالفة من لا يؤمن عليه الغلط ألا ترى أن الرأى في الحروب لما لم يؤمن عليه الغلط كيف جاز مخالفته فإن النبى صلى الله عليه وسلم أراد النزول في منزل يوم بدر فقال له الحباب بن المنذر: أرأى رأيته أم وحى؟ فقال:"بل رأى رأيته" فقال: بل الرأى أن ننزل في موضع كذا أو أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطى يوم الأحزاب قوما من الكفار شطر ثمار المدينة لينصرفوا فقال الأنصار: أرأي رأيته أم وحى فقال: "بل رأى رأيته" فقالوا: لا نعطيهم إلا السيف والله ما كانوا يطعمون ذلك في الجاهلية إلا بشرى أو بقرى فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام ولما دخل المدينة نهاهم عن تأبير النخل ففسد ثمارها ذلك العام فأمرهم بالتأبير وقال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم وأنا أعلم بأمر دينكم" ١ قالوا: ولأنه لا ضرورة له صلى الله عليه وسلم إلى الرأى لأن الوحى له متوقع واستعمال الرأى لا يجوز إلا عن ضرورة
ببينة: أن الدين في الأصل لله تعالى فلا يجوز شرعه برأى لا يؤمننا عن الغلط إلا عن ضررورة ولا ضرورة لصاحب الوحى وهذا كتحرى القبلة لا يجوز إلا لمن بعد عن الكعبة فأما من قرب فلا ضرورة له كذلك ها هنا يكون الأمر كذلك قالوا: وأما الأمر بالمشاورة فكان من أمور الدنيا ونحن إنما نجوز الاجتهاد في أمور الدين فأما في أمور الدنيا فهو جائز وعلى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بمشاورتهم تطييبا لنفوسهم لأخذ برأيهم واستدل من قال: إنه لا يجوز للصحابة أن يجتهدوا بحضرة النبى صلى الله عليه وسلم هو أن الحكم بالاجتهاد حكم يغالب الظن فلا يجوز مع إمكان الرجوع إلى النص وقد كان يمكنهم الرجوع إلى نص النبى صلى الله عليه وسلم فصار اجتهادهم في هذا الموضع كاجتهاد علماء الأمة في موضع النص وأما دليلنا فيتعلق أولا بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر: ٢] وهذا على العموم ويدل عليه قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فلو لم يجز لهم الحكم بالرأى لم يؤمر بالمشاورة لأن الذي ينال بالمشاورة محض الرأي. وقولهم: إنه