الصفة لا يتصور أن يعارضه معارض هذا كلامه في هذا الفصل.
وعندي أن هذا الكلام بهذا التقرير حائد عن نكثه الخلاف في مسألة القتل بالمثقل لأن الخلاف بيننا وبين الخصم أن سبب القود هل وجد في مسألة المثقل أم لا؟ فالخصم يقول: لم يوجد لأنه يدعى شبهه في السبب ونحن ندعى أن السبب قد وجد وأنه لا شبهة وإذا كان موضع الخلاف هذا ومنه نشأ ما نشأ فتقرر وجه الحكمة في إيجاب القود وبيان وجودها في هذا المحل لا ينفع وإنما ينبغى أن يكون الكلام في بيان السبب ونفى ما يدعونه من الشبهة ثم إذا ثبت ذلك وعرف استمر وجوب القصاص بالسبب المعهود في الشرع للفائدة التي ذكرناها وأما التعبد في آلة القصاص فلست أعرف أن أحدا من المخالفين ذكر هذا اللفظ في آلة القصاص وإنما ادعوا الشبهة عند وجود القتل بالمثقل في استيفاء القصاص قالوا: إنه آلة القتل حسا وشرعا بدليل المرتد ومن حيث المعنى ادعوا أن القتل به أيسر وأسهل فكان أولى وليس المذكور للذب عن المخالفين ولكن يبين وجه كلامهم في المسألتين حتى يكون كلامنا على هذا ونحن قد ذكرنا في خلافيات الفروع فساد دعواهم الشبهة في القتل وقلنا: إن اعتبار المماثلة في الاستيفاء من كل وجه ممكن مشروع وقد ذكرنا ودللنا على ذلك بدلائل تزيل الإشكال وتنفى الشبهة فليكن الاعتماد على ذلك وقد ذكرنا أن الفعل يصير قتلا بتفويت الحياة وتفويت الحياة بالمحدد والمثقل واحد والخصم يدعى شبهة عدم القتل إما بعدم الحرج أو بعدم آلة القتل ومتى عرف حد القتل سقط دعوى شبهة عدمه وسقط أيضا قولهم إن آلة القتل لم توجد لأن آلة الشئ ما يوجد به الشئ فلا يتصور بغير آلة القتل وأيضا فإن القتل فعل محسوس والفعل المحسوس متى وجد لا يتصور أن لا يوجد من وجه بل إذا وجد من وجه ما يصير موجودا من كل الوجوه والمسألة في نهاية الظهور على المخالفين لكن من هذا الوجه لا من طريق بيان فائدة القصاص وقد بينا أنه إنما ينطر في وجوب القصاص إلى سبب القصاص لا إلى حكمة القصاص.
ثم ذكر المرتبة الثانية وقال: هى مشتملة على قياس معتضد بالأصل لكن الجامع لابد له من مزيد تقرير وتقريب وقد يعن للخصم تخيل فرق وإن كان إفساده هينا مثال ذلك أنه قد ثبت وجوب القصاص على المشتركين في القتل وهذا مستند إلى قاعدة الشرع في تحقيق العصمة
وزجر الجناة فإن الاستعانة في أمثال هذا ليس بالعسير والقتل على الاشتراك غالب الوقوع فاقتضى معنى القصاص في الأصل إيجاب القصاص على