للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشركاء وهذا يتطرق إليه الكلام قليلا من جهة أن كل واحد منهم بالانفراد ليس بقاتل وقتل غير القاتل مخالفة لموضوع الشرع في تخصيص القتل بالقاتل وفيه وجه آخر وهو أن إمكان القتل بالاستعانة دون إمكان القتل بالمثقل وعن هذا تردد بعض العلماء في إيجاب القصاص على المشتركين في القتل وقال بعض أصحابنا إن قتل الشركاء في القتل الواحد خارج عن القياس وإنما هو ثابت بقول عمر رضى الله عنه لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به١ قال: والمسلك الحق عندي أن المشتركين يقتلون٢ بحكم قاعدة القصاص ولا نظر إلى خروج آحادهم عن الاستقلال بالقتل إذا كان يظهر بسبب درء القصاص عنهم هرج ظاهر ومفسدة عظيمة ولا نظر مع هذا إلى انحطاط مكان الاشتراك قليلا عن الانفراد بالقتل فإنه يعارض ذلك أن المنفرد لا يستمكن استمكان المشتركين فيعتدل المسلكان وإذا تمهدت هذه القاعدة فنقول في الطرف إلحاقا له بالنفس أنه صين بالقصاص على المنفرد فليصن بالقصاص على المشتركين كالنفس وذكر بعد هذا كلاما طويلا ومد النفس مدا عظيما وصار في آخر الكلام إلى الفرق بين المشتركين في السرقة والمشتركين في اليد بما ذكره المشايخ في الفرق وكل ذلك موجود في مسائل الفروع ولم أر لذكر ذلك وجها هاهنا فتركته واعتماده على ما اعتمد عليه من قتل الجماعة بالواحد من جنس ما اعتمد عليه في القتل بالمثقل والكلام عليه بمثل ما تكلمنا به في تلك المسألة وهو أن الأحكام إنما تناط بالأسباب لا بالحكم وكل ما أشير إليه حكمه وجوب القود بالحكمة في الواجب لا يجب الواجب إنما يجب بالسبب الواجب ونحن بينا طريقين أحدهما: أن كل واحد منهما قاتل بمعونة غيره ببينة: أنه لا جزء من النفس إلا ولكل واحد من المشتركين فيه عمل في تفويته إلا أنه وجد معونة غيره ومن استعان بغيره في شئ فقد تمهد في الشرع أنه يجعل فعل المعين فعل المستعين


١ أخرجه مالك في الموطأ: العقول "٢/٨٧١" ح" ١٣".
٢ أي: إذا كان واحد منهم إذا انفرد بفعله وجب عليه القصاص وهو قول عمر وعلي والمغيرة ابن شعبة وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وأبو سلمة وعطاء وقتادة وهو مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي ورواية عن أحمد.
وهنا من قال: إنهم لا يقتلون به وتجب عليهم الدية وهو قول ابن الزبير والزهري وابن سيرين وحبيب بن أبي ثابت وعبد الملك وربيعة وداود وابن المنذر وحكاه ابن أبي موسى عن ابن عباس وروى عن معاذ بن جبل وابن الزبير وابن سيرين والزهرى ورواية عن أحمد انظر المغنى "٩/٣٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>