فيجعل كل واحد كأنه قاتل من هذا الوجه ويمكن أن يقال: إنهم إذا اشتركوا جعلوا بمنزلة الشخص الواحد حكما والسبب أنا إذا لم نجعل كذلك أدى إلى ما قال: من الهرج وسفك الدماء وإذا جعلوا كالشخص الواحد حكما وقد تحقق السبب منه فيقابل بالقصاص وعلى كلا المعنيين وجب القود في الطرف على الجماعة أيضا إذا قطعوا طرفا واحدا١. وإما فصل السرقة فإنما لم يجعل كل واحد كأنه تفرد بسرقة النصاب لأن المقصود من السرقة تحصيل المال فإذا سرق نصابا واحدا فالنصاب يقصد لتحصيله ولم يحصل مقصود كل واحد وهو تحصيل نصاب كامل حتى يجعل صاحبه معينا له في تحصيل مقصوده ويجعل فعله كفعله وأما هاهنا فإن المقصود لكل واحد من المشتركين في القتل والقطع هو إهلاك هذا الإنسان في القتل وإهلاك اليد في القطع وقد حصل مقصود كل واحد منهما وقد أعانه صاحبه في تحصيل مقصوده وفعل المعين فعل المستعين فيصير كل واحد منهما كالمنفرد بالقتل والقطع ويجعل كل واحد منهما قاطعا قاتلا ولأن الاشتراك في سرقة نصاب واحد يندر فإسقاط القطع عنهما لا يؤدى إلى المفسدة العظيمة فلم يجعلوا كلهم كالشخص الواحد وأما هاهنا فإن اجتماع القوم على قتل واحد يوجد غالبا بل الأصل أن الواحد يقاوم الواحد وإنما يعجز في رده إذا اسعان بغيره فلو أسقطنا القود يؤدى إلى المفسدة العظيمة فطلبنا سببا لإيجاب القود عليهم فكان ذلك بأن نجعل الجماعة بمنزلة الشخص الواحد حكما وهذا فرق بين وخرج على ما ذكرناه إذا قطعا وتميز فعلاهما الذى عده مشكلا لأنا إنما ادعيناه في الموضع الذى وجد لفعل كل واحد منهما عمل في جميع اليد وفى هذه الصورة لم يوجد فلم يمكن أن يجعل كل واحد قاطعا بجميع اليد وهذا بخلاف النفس في هذه الصورة لأن التميز لا يتصور في النفس لأن الإهلاك بتفويت الحياة ولا يتصور تميز فعل كل واحد فعل صاحبه في تفويت الحياة فصار فعل كل واحد منهما عاملا في جميع ما تفوت به الحياة مثل ما إذا لم يتميز فعلاهما وأما في اليد فيتصور تميز فعل كل واحد منهما عن صاحبه في قطع اليد وحين يتميز في صورة ولا يتميز في صورة يقع الفرق المعنوى على الوجه الذى قدمناه وقد يلزم عليه تعدد الكفارة إلا أنا ندعي هذا في القصاص ولأن القصاص إذا وجب على كل واحد تبعته الكفارة فهذا ينبغى أن يكون
١ وهو قول مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور ورواية عن أحمد وهناك من قال: لا تقطع يدان بيد واحدة انظر المغنى "٩/٣٧٠".