للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الكلام في المسألة لا الذى قاله والله أعلم.

قال: والمرتبة الثالثة فمثلها بالقول في المكره على القتل وفيه ثلاثة مذاهب:

أحدها: أن القصاص على المكروه دون المكره١.

والثاني: وهو قياس بين أن القصاص على المكرة دون المكره وهو مذهب زفر٢.

والثالث: أن القصاص عليهما وهو مذهب الشافعى٣.

وأبعد المذاهب عن الصواب هو إيجاب القصاص على المكره دون المكره فإنه زعم أن فعل المكره منقول إلى المكره وكأنه آلة له وهذا ساقط له مع المصير إلى أن النهى عن القتل يستمر على المكره القاتل فكيف يتحقق كونه آلة مع تكليف الشرع إياه ومن ضرورة كونه آلة انقطاع التكليف عه فتخصيص المكره بالتزام القصاص مع ما ذكرناه لا أصل له ووجه مذهب زفر في القياس لائح وهو إذا رأى المحمول ممنوعا ولم ير الإكراه أثرا في سلب المنع والنهى والمباشرة تغلب على السبب إذا استقلت وارتبط بها التكليف والتصريف من الشارع والذى يختاره اصحاب الشافعى يبتنى على ما ذكرناه لزفر من استقلال المباشرة وهذايقتضى إيجاب القصاص على القاتل المحمول ولكن لم ير هؤلاء إحباط الإكراه وإسقاط أثره بالكلية فإنه يوقع القتل غالبا والإكراه من أسباب الضمان فبعد تعطيله وإخراجه من البين وبعد إحباط المباشرة فالوجه تنزيلهما منزلة الشريكين ولا شك أن فعل كل واحد من الشريكين يضعف فعل صاحبه من جهة أنه يخرج عن كونه قتلا. ثم لم يسقط الاشتراك القصاص عنهما فإذا لم يسقط القصاص عن الحامل والمحمول لضعف ما صدر عنها أما ضعف المباشرة فمن جهة كون المباشر محمولا وأما ضعف الإكراه فمن جهة كون المكره المحمول منهيا واستمرار التكليف عليه يوهن أثر الإكراه وليس أحدهما أولى بالضعف من الثانى فلا سبيل إلى تخصيص القصاص بأحدهما فنزلناهما منزلة الشريكين ولكن القول في هذا ينحط عن القول في الشريكين من جهة اختلاف السبب والمباشرة وخروج كل واحد منهما عن قياس بابه ثم إنه يتعارض مذهب أبى حنيفة وزفر والترجيح لزفر ومذهب إيجاب القصاص عليهما


١ أي: أنه يقتل المباشر دون المكره وهو قول أبي حنيفة انظر المغنى "٩/٣٣٠".
٢ انظر المغنى "٩/٣٣١".
٣ قال الإمام النووي: "فإذا أكره على القتل وجب القصاص على الآمر وفي المأمور قولان أظهرهما: وجوب القصاص أيضا انظر روضة الطالبين "٩/٣٥" الأشراف "٣/٧٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>