للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار المكره آلة للمكره في بعض القتل وجب جعله آلة له في جميعه لأن الذى يجعله آلة له في بعض القتل موجود في كله وإن جعلنا شريكا بالتسبب فباطل أيضا لأن التسبب للقتل ومباشرة الفعل فعلان مختلفان وينفصل أحدهما عن الآخر وكل واحد من المكره والمكره يستقل بما فعله فكيف نجعلهما شريكين في القتل وإذا لم يكن التسبب إلى القتل قتلا عند هذا القائل فمتى يتصور أن يجعله شريكا للمكره في القتل فالقضاء بأنهما شريكان في القتل كلام قاله بعض المشايخ من غير تأمل في عائلته والذى قال: إن الخصم يحكم بنقل الفعل فهم لا يرتضون هذه اللفظة وإنما يقولون إن المكره آلة للمكره وليس للمكره فعل أصلا فيما يعود إلى النيابة على محل الفعل لأنه في ذلك يصلح أن يكون أله المكره ووجه كونه آلة وهو استعماله في فعله على اختيار نفسه يحمله عليه مثلما يستعمل السيف في قطعه على اختيار نفسه بتحامله عليه ويقولون هذا في الإثم لا يتصور لأن الإثم بجنايته على دينه وهو بجنايته على دينه لا يصلح أن يكون آلة للمكره وإنما في جنايته على محل الفعل صورة يصلح أن يكون آلة له وأما نحن نقول إن الحكم بكونه آلة للمكره مع بقاء اختياره وإمكانه الصبر والكف إلى أن يقبل ورود الشرع بذلك باطل وجعل المكره والمكره شريكين في القتل باطل لكنه يجب القود على المكره بمباشرة القتل وعلى المكره بالتسبب للقتل ويقول: كل واحد منفرد بفعله من القتل والتسبب من غير مشارك والقود واجب على المكره بالمباشرة وعلى المكره بالتسبب لأن التسبب أخذ شبها من القتل والقتل أخذ شبها من التسبب أما الأول فلأنه يفضى إلى إزهاق الروح غالبا وأما الثاني فلأن القتل بإزهاق الروح غالبا. وأما الثاني: فلأن القتل بإزهاق الروح وأزهاق الروح لا يدخل تحت قدرة العباد فلا يكون منه إلا التسبب فلما أخذ كل واحد منهما شبها من صاحبه جعلناهما علتين صحيحتين في إيجاب القتل غير أنا نعتبر في التسبب أن يكون مفضيا إلى القتل غالبا حتى يأخذ شبها من القتل ويخرج على هذا حفر البئر في بئر المسلمين ويعتبر أيضا أن يكون معتبرا في أحكام الشرع حتى يخرج عليه الإمساك ويظهر الاعتبار في المال وإذا عرف هذا بطل قول زفر وسقط ما حمده هذا القائل وعلى هذا الأصل الذى مهدناه ينبنى وجوب القود على شهود القصاص وشهود الرجم إذارجعوا وسواء في وجوب القصاص رجع المدعي أم لم يرجع بعد أن تم رجوع الشهود وذلك التفريق الذى قال: ليس بمذهب ولا هو صحيح على المعنى بعد أن يكون المشهود على قتله قد قتل فأما إذا أقمنا الدليل على أن السبب موجب للقتل صار مثل القتل

<<  <  ج: ص:  >  >>