اجتهاد كل واحد منهم إلى جهة تخالف جهة صاحبه هل يصلون على ما أدى اجتهادهم إليه.
فإن قلتم: يصلون فقد صوبتموهم وإن قلتم لا يصلون فهذا منع لهم من الاجتهاد وتعطيل لصلواتهم.
والجواب: أنا لا نستدل عليكم إلا بفصل القبلة فإن المجتهدين في القبلة مطلوبهم القبلة بعينها فكذلك يجب أن يكون مطلوب المجتهدين في الحوادث حكما معينا عند الله تعالى.
ببينة: أن المجتهد في القبلة يعلم أن القبلة عين من الأعيان يجوز أن يكون في الجهة التي يظن بأقوى الأمارات أن القبلة فيها ويجوز أن لا يكون فيها فيقولوا في حكم المسألة هو حكم معين عند الله تعالى يجوز أن يكون هو حكم أقوى الأمارات ويجوز أن يكون غيره.
وما المسألة التي ذكرتموها. قلنا: إنما جازت صلاة هى واحد منهم في الحال لجواز أن يكون المصيب هو دون غيره لكن نقطع بإصابة بعضهم وخطأ البعض ولو تبين الخطأ فإنا لا نوجب الإعادة على المخطئ.
واعلم أن الذين يقولون بإصابة المجتهدين كلهم على الإطلاق يزعمون أن الدليل ليس الظن المجتهد بأمارة وكلهم في هذا الظن واحد فيكون كلهم في الإصابة واحد.
قال أبو هاشم: ليس على المجتهد إلا أن يحكم بما هو أولى عنده في ظنه وفى هذا المعنى لا يجوز تخطئة البعض وتصويب البعض ونحن نقول: إن الدليل هو الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول الثابتة بأحد هذه الدلائل والدليل على هذا قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩] ثم القياس دليل مستند إلى الكتاب والسنة ثم الظن الذى قالوه لا يجوز أن يكون مجرد الظن حجة لأن ذلك يوجد للعامى كما يوجد للعالم ولكن الحجة ظن بأمارة من كتاب أو سنة أو إجماع ويجوز أن يصيبه الواحد ولا يصيبه الواحد وهذا لأن العلل إنما تكون عللا صحيحة إذا كانت مؤثرة وقد بينا وجه التأثير وكيفيته ولا يتصور اعتدال المؤثرات على السواء بحيث لا يكون لجانب رجحان على الجانب وبينا أن اعتدال الأمارات والتأثيرات في حكمين مختلفين يؤدى إلى الحكم بالشك وهذ لا يجوز وإذا لم يكن