إلى التجديد في الثقافة، والتقرب من الغرب، والإيمان بحضارة أوروبا، ومنع العوائق التي تعوق انتشارها في بلادنا؛ لأننا نعتقد أن فلاحنا وخير الأمة وتقدمها كل ذلك منوط بالاتجاه نحو أوروبا دون آسيا"، وفي الإشارة إلى آسيات غمزة معروفة، فهي تشير إلى جزيرة العرب مهد الإسلام، ومنبع الحضارة العربية، ومهبط الوحي والقرآن.
وكان من قبل كما ذكرنا في كتابنا "الأدب الحديث" قد دعا إلى إلغاء الإعراب والتصغير، وجموع التكسير "هلال يوليو ١٩٢٦"، وحمل حملة شعواء على اللغة الفصحى، وناصر اللغة العامية، واصطناع الحروف اللاتينية، وقطع ما بيننا وبين ماضينا من صلات ودفن ذكرياتنا وتراثنا، والخروج على كل تقاليدنا، ويقول: "شرط النهضة أن تكون اجتماعية واقتصادية وأدبية، فلا يجب أن نرمي إلى تغيير نظامنا الحكومي فحسب، بل تغيير نظام العائلة، واعتبارات الطبقات الاجتماعية، وكذلك نظام الإنتاج الاقتصادي، حتى الأسلوب الكتابي يجب تغييره، وسبيل ذلك إجاد نظام لزواج مدني يعاقب فيه من يتزوج بأكثر من امرأة واحدة، ويمنع الطلاق إلا بحكم محكمة، ويجيز زواج الأفراد، ولو اختلفوا دينًا" "هلال نوفمبر ١٩٢٢".
وحاولت هذه المجلة البرهنة على أن معظم ألفاظ الحضارة في اللغة العربية يرجع إلى أصل لاتيني أو يوناني لتثبت أن العرب كانوا، وما زالوا عالة على العقلية الغربية، وكانت تعتقد أن ثقافتنا القديمة مبنية على الوهم والأدب، وأن الثقافة الحديثة يجب أن تبنى على العلم.
ومن دعاة التطرف وأخذ الثقافة الغربية بدون تحفظ، وتحقير الثقافة العربية والعقلية الآسوية إسماعيل مظهر صاحب مجلة العصور "١٩٢٧"، وهو يعزو تلك النهضة العلمية والأدبية بمصر لا إلى حملة نابليون، ولا إلى بعثات محمد علي ومدارسه، ولا إلى جمال الدين الأفغاني الذي يزعم أنه كان ذا أثر سلبي صرف، وأنه لا يذكر في التاريخ إلا أنه أداة للرجعية، ولا إلى ثورة عرابي، ولا ثورة