حتى أتسلّى بها عن مصيبتي. «فطلب» الربيع ذلك في بنى هاشم، فلم يجد من يستطيعه. فقال المنصور: والله لمصيبتى بأهل بيتي ألّا يكون فيهم واحد يحفظ هذا لقلة رغبتهم في الأدب، أعظم وأشد عليّ من مصيبتي بابني «١» .
وهكذا أسس «المنصور» لحياة علمية أدبية في «بغداد» ، وكان أوّل من أنشأ بها مدارس للطب والعلوم الدينية، أنفق في سبيلها أموالا طائلة «٢» .
وحسبه أنه لم ينس، وهو يقطع القطائع في بغداد، أن يقطع الشعراء والكتاب، فأقطع أبا دلامة زند بن الجون الشاعر (١٦٠ هـ) كما أقطع ابن أبى سعلى الشاعر، وكذلك أقطع عمارة بن حمزة الكاتب (١٨٠ هـ)«٣» .
وعلى هذه الحال التي بدأ بها «أبو جعفر» سارت الحياة في «بغداد» ، لم يتخلف عنها ابنه «المهدىّ» ، فقد كان هو الآخر نقادة للشعر «٤» أديبا.
وفي أيامه وضع له وزيره «أبو عبيد الله معاوية بن يسار» كتاب الخراج، ذكر فيه أحكامه الشرعية ودقائقه وقواعده.
وهو أوّل من صنف كتابا في الخراج، وتبعه الناس بعد ذلك فصنفوا في هذا الفن «٥» .