والدينور- كما تعلم- مدينة من أعمال الجبل. قرب قرميسين، وبينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخا. وكان أبو محمد خرج إليها ليلى فيها القضاء، وأقام بها مدة فنسب إليها، ولكن لمن ولى أبو محمد القضاء؟
نعرف أن أبا محمد كان موصولا بالوزير: أبى الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان (٢٦٣ هـ) ، وأنه صنف له كتابه «أدب الكاتب» ، وذكر هذا الوزير في الخطبة وأثنى عليه، إذ يقول:«فالحمد للَّه الّذي أعان الوزير أبا الحسن أيده الله» .
ويقول أبو القاسم الزجاجي، وهو يشرح خطبة «أدب الكاتب» : «يعنى:
الخاقانيّ، وهو عبيد الله بن يحيى الخاقانيّ، لأنه عمل له هذا الكتاب فأحسن صلته واصطنعه وصرفه» .
ويقول ابن السيد البطليوسي في «الاقتضاب» : «يعنى عبيد الله بن يحيى ابن خاقان. وكان وزير المتوكل، حتى صرفه في بعض أعماله» .
وقول «ابن السيد» يدلنا على أن اصطناع الخاقانيّ لابن قتيبة كان وهو وزير المتوكل إلى سنة (٢٣٧ هـ) ، ولم يكن وهو وزير المعتمد، من سنة (٢٥٦ هـ) إلى سنة (٢٧٩ هـ.) ولم يكن هذا الاصطناع الّذي حباه به الخاقانيّ إلا ولاية قضاء الدينور.
وقد بويع المتوكل بالخلافة سنة (٢٣٢ هـ) ، وكان مقتله سنة (٢٤٧ هـ) .
وبين هاتين السنتين كانت ولاية «ابن قتيبة» لقضاء الدينور.
لا نعرف في أية سنة بدأت، ولكنا نميل إلى أنها بقيت ببقاء الخاقانيّ في الوزارة، أي إلى سنة (٢٤٧ هـ) .