النوع الثاني: أن يخاف من الناس فيترك ما أمر الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خشيةً من مخلوق، وهنا ينبغي أن يتذكر الإنسان ألا يخاف إلا الله، قال الله ﷿: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: ١٧٥)، ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (التوبة: ١٣).
فلا تخف من هؤلاء الناس فإنهم لا يقدمون ولا يأخرون.
وهذا النوع ليس بشرك، وإنما هو محرم، إلا إذا كان الذي يخافه قادراً على إيصال المكروه إليه، فإنه قد يكون له أن يترك هذا الواجب لأجل المضرّة التي قد تلحقه فيتركه مكرهاً.
المسألة الثالثة: الخوف يكون محموداً، ويكون مذموماً.
فالخوف المحمود الصادق: هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله، وبين الوقوع في الذنوب، إذ إن ثمرة الخوف: أن يثمر فيك فعل الطاعات وترك الذنوب والمعاصي.
وأما الخوف المذموم: فأن يزيد عليك ذلك حتى يورثك القنوط واليأس من رحمة الله ﷿، نسأل الله السلامة والعافية، ولذلك فإن من الكبائر كما في الأثر عن ابن عباس: اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله.
وإنما كان ذلك من الكبائر لأن فيه سوء ظن بالله، الذي تسمى بالرحيم والتواب ونحو ذلك، فمن زاد خوفه حتى قنط من رحمته فقد ارتكب المحرم.
المسألة الرابعة: السلف -رحمهم الله تعالى- كانوا برغم حسن عملهم وطاعتهم لله ﷾ عندهم الخوف منه ﷿، وقبل ذلك كان النبي ﷺ يخاف من الله تعالى، بل إنه مكث ليلةً يردد آية واحدة، ويبكي، وهي قوله تعالى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (المائدة: ١١٨).