للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسلم لدينِ محمد ... فإذا سلمْت فقد سلمْ

نِلنا الهدى بعد العمى ... بكَ والغِنى بعد العدمْ

فلما انتهى إلى إنشاده، رجع القهقرى لينصرف، فوثب أبو العنبس فقال: يا سيدنا يا أمير المؤمنين تأمر بردِّه؟! فردَّه، فقال له أبو العنبس: قد عارضتك في قصيدتك وأنت بحضرة أمير المؤمنين، ثم اندفع ينشد: كامل مجزوء:

في أيِّ سلح ترتطِمْ ... وبأي كف تلتقِمْ؟

قد قلت رأس البُحتر ... يِّ أبي عبيدة في الحرمْ

ووصل ذلك بما أشبهه، فضحك المتوكل وضرب برجله اليسرى وقال: إدفعوا إلى أبا العنبس عشرة آلاف درهم: فقال له الفتح في خاقان وزيره: يا سيدي! فالبحتري الذي هُجيَ وأُسمع المكروه ينصرف خائباً؟! فقال: ويدفع إليه عشرة آلاف درهم. قال: يا سيدي! وهذا البصري الذي أشخصناه من بلده لا يشركهما فيما حصلاه؟! قال: ويدفع إليه أيضاً عشرة آلاف درهم. قال المبرد: فانصرفنا في ساعة الهزل بثلاثين ألف درهم، ولم ينفع البحتري جدّه ولا اجتهاده وتقدمه؛ وهو القائل يهجو إبراهيم المدَبر: كامل مجزوء:

أَسَل الذي عطف الموا ... كب بالأعنَّة نحو بابكْ

وأذلَّ موقفيَ العزي ... زَ على وقوفي في رحابكْ

وأراك نفسك مالكاً ... ما لم يكن لك في حسابكْ

ألا يُطيلَ تجرُّعي ... غصص المنية من حجابكْ

<<  <   >  >>