لولا تعرُّض ذكر من سكن الغضا ما كان جسمي للضنى متعرِّضا
لكن جفا جفني الكرى بجفائهم ... وحشا حشاي فراقهم جمر الغَضا
ولو أن مالي بالرياح لمَا جَرتْ ... والبدر لو يُمنّى به ما أومضَا
ولو أنني أفضي بأسرار الهوى ... يوماً إلى أحدٍ لضاق بها الفضا
٥٤ - محمد بن أحمد أبو عبد اللة الهاشمي الصقليّ
المعروف بابن الخالة الفرضيّ كان عالماً بالفرائض وعلم الوثائق، وكان يصنع الشعر رياضة لطبعه للتأدب لا للتكسب، فمن شعره قوله: طويل
صددت بوجهيْ عن حبيبي تستراً ... وأبديت نكراً في الهوى وتغيُّرَا
وصرت كمن عن حِبه بعد حُبِّه ... تجافاه من فرط الجفاء وأقصرَا
وفي كبدي من لاعجِ الشوق جمرةٌ ... غدا لفحها بين الجوانح مُضمَرَا
ثوتْ بين أضلاعي فخامرتِ الحشا ... وأذكى جواها جمرَها فتسعَّرَا
أحبُّك حب الماء في أرض قفرة ... بهاجرةٍ ظمآن ظل مُهجِّرَا
وإن كنت قد أقصرت عنك العلة ... فكا زِلت في عين الضمير مصوّرَا
وإني كمن قد غالب الشوق صبره ... وأَورثه الأشجان أن يتصبرَا
وكم عذل العذّالُ فيه ولو رأَوْا ... محيَّاهُ كانوا لا محالة أعذرَا
وكم من صحيح أَسقمَتْ لحظاته ... وعين امرئٍ نوّامة العين أسهرَا
كأن عليه من صفاءِ أديمِه ... إذ اللحظ أدماه عقيقاً وجوهَرَا