للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهود في زمن القاضي الزيدي، ثم ترك ذلك فيما بعد، اجتمعت به بدمشق وذاكرته بشيء من الشعر وأخبار الناس، فرأيته حسن التأتي، جيد الإيراد، وأنشدني من شعره شيئاً لا بأس به، ورأيت رأيه على ما ظهر لي منه رأي الفلاسفة والميل إليهم. أنشدني محمد بن الحسن لنفسه: كامل:

أظنَتْنِي من سلوَةٍ أنساكِ ... أعصي الهوى وأُطيعُ فيك عداكِ؟

لا تحسبي قلبي يقلّبه الهوى ... أبداً ولا يصفي هوى لسواك

غادرتني حَيرانَ أذرفُ دمعتي ... وأعالِجُ الزفرات من ذكراك

قد بثَّ سلطانُ الفراقِ جيوشَه ... في مهجتي، وأظنُّ فيه هلاكي

إنْ صحَّ عزمُكِ في الفراق فإنني ... يومَ الفراق أُعَدُّ من قتلاك

وله أيضاً: بسيط:

قدعَبَّرت عبرتي عن سر أجفاني ... وحاورت حيرتي من قبلِ إعلاني

لا تسألوا كيف حالي بعد فرقتكم؟ ... قد خبَّرَتكم شؤون العين عن شاني

ذكر أبو محمد بن الاكفاني أن أبا الحسن بن الكفرطابي الشاعر كانت وفاته بدمشق سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

٢٥٢ - محمد بن حمد بن فُورَجه البُروجِردِي أبو علي

إمام في العربية، فاضل كبير القدر، حلو الشعر، له نقد في المعاني على الشعراء، وتواليف حسان في ذلك، وهو من أهل أصبهان وقطن الريّ، وله نثر كثير الدُّرِّ فمن شعره: وافر:

ألم يطرب لهذا اليوم صاحِي ... إلى نغم وأوتار فِصاح؟

كأن الأيك توسُعنا نثاراً ... من الوِرق المُكسَّروالصِّحاح

تميد كأنما عُلَّت براح ... وما شربت سوى الماء القراح

كأن غصونها شَرْبٌ نشاوى ... تصفق كلها راحاً براح

<<  <   >  >>