للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: سريع:

يا قاسيَ القلب ألا رحمةٌ ... تنالني من قلبكَ القاسي؟

جسمك من ماء فما لي أرى ... قلبك جُلمودٌ على الناس؟

أخاف من لين ومن نغمة ... عليك من ترديد أنفاسي

سبحان من صاغك دون الوَرَى ... بدراً على غصن من الآس

وقوله: سريع:

أخشى عليك الحُسن يا من به ... أصبح كلُّ الناس في كرب

ألا ترى يُوسف لما انتهى ... في حُسنه أُلقي في الجُبِّ

وقوله: خفيف:

أي ورد يلوح في وجنتيه؟ ... طار مني الفؤاد شوقاً إليه

فإذا رُمْت أجتنيه ثناني ... عنه وَقْعُ السيوف من مقلتيه

٢٣٨ - محمد بن الحسين أبو الفتح ابن القُرُقوبي الكاتب الصقلي

شاعر صانع، وأديب بارع، من فضلاء العصر، وحسنات الدهر، وشعره كثير غير أنه خرج عن صقلية إلى الأندلس فاستوطنها، وصحب ملوكها ووزر لهم، وسار ذكره، وعظم قدره هناك فلم يوجد له بصقلية إلا ما قاله في صباه وهو: بسيط:

حسبُ العواذل ما قدَّمْنَ منْ عذَلي ... شُغِلنَ بي، وأنا عنهُن في شغل

أهْدين لي ضَلَّة منهن غير هُدى ... ورُمنَ تقويم مُعوجٍّ أخي مَيل

يَسُمْنني النُّسك لا يسأمن معتبتي ... ولا وحقِّ الصِّبا ما النُسك من عملي

يأبى التغزُّل بالغزلان من نُسُكي ... والعيش أجمع كلُّ العيش في الغزل

هيهات خامرني خمر العُيُون كما ... تُخامر الخمر عقل الشَّارب الثَّمِل

هل الظِّباء التي يحبسن في سمر ... مثل الظباء التي يكنِسن في الكِلَل؟

إنَّ العيون نَفَثْن السّحر في عُقَدِي ... سحراً يُوَهِّنُ كيدَ الفاتك البطل

في البيض والسود لي يا عاذلي شُغُل ... بيض الوجوه وسود الأعيُن النُّجُل

<<  <   >  >>