للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبوابه من جهة المدينة، وفتح بابه من جهة البحر، ولاذ أهل المدينة بالقصر ينادونه: يا مولانا أخرج إلينا لنقاتل بين يديك! وأدركهم عبد المؤمن بنفسه في بعض جمعه فانهزموا عن القصر، ونظر إلى جهة البحر فرأى صاحب القصر وقد ركب زورقاً له أعده للهزيمة، وقد انفصل عن القصر منهزماً، وكان قبل ذلك قد فرق الزواريق وأعدمها، لئلا يُتَّبع في شيء منها فنزل ابن حبوس هذا عن دابته، ووقف يين يدي عبد المؤمن، وأنشده قصيدة قافيّة حسنة، ذكر المغالون في وصفه إنه إرتجلها في تلك الساعة، منها في وصف أهل بجاية عندما لاذوا بالقصر، ونادوا صاحبهم إلى الخروج: متقارب:

فلاذوا بقصر لمولاهُم ... ومولاهم لاذ بالزورقِ

وفارقه أحمراً أبيضاً ... ولجَّج في أخضر أزرق

وأورثه خوفكم خفَّة ... فلو خاض في اللج لم يغرق

ومنها في مدح عبد المؤمن:

تخيَّره الله من آدم ... فأقبل منحدراً يرتقي

أراد منحدراً في الأصلاب، مرتقياً إلى المعالي، وهذا في غاية الجودة والرشاقة والصنعة في المطابقة.

وأخبرني القرموني أبو عبد الله قال: سُرق لابن حبوس في سفره خُرْج فيه ثيابه وقصائد له ونفقة، وكان الشعراء يحسدونه، فعملوا في ذلك زجلاً ألفاظه عامّية على عادتهم في الأزجال مطلعه: زجل:

لقد جَرَتْ رَزِيَّا ... على ولَدْ حَبُوسْ

سُرِقْ لَوْ ما سَرقْ ... هُو مِنْ شِعرالأندلوس

سارقْ سَرقْ لسارق ... يعد في ذا عَجَبْ

سُرق لو كلّ ما اقْنى ... وكل ما اكتسب

ثيابو والقصايِدْ ... والسلخ بالذهب

<<  <   >  >>