ولقد عَصَيْتُ عواذلي وأطعْتُهُ ... رشأٌ يُقَتِّل عاشقيه ولا يَدِي
إنْ تَلقَ شوك اللوم فيه مسامعي ... فَبِما جَنتْ من وَجْنتِهِ مقلته يدي
قال وأنشدني له أيضاً: بسيط مجزوء:
وشادنٍ بتُّ صارفاً هِمَمِي ... عن المُنَا فِيه، والمنافيهِ
كالبدر والشمس أو يفوقهما ... فما تُدانيه كافُ تشبيه
قابلَ مرآتَهُ فقلتُ له: ... مولاي عَوِّذْ ما أنتَ رائيه
وقلتُ سرّاً لصاحبيَّ: أما ... تراعيانِ الذي أُراعيه؟
إن نظرتْ عينُه محاسنُه ... تاهَ علينا بل زاد في التيه
قال وأنشدني له أيضاً: طويل:
سأرحلُ عن دارٍ أروحُ وأغتدي ... وسِيّانِ فيها مَشهدي ومغيبي
فإنْ قَلَّ مني بالجفاءِ نصيبُها ... فقد قَلّ منها بالوفاء نصيي
فإنْ لم أَرُعْها بالفراق فرَاعَني ... ملامُ خليلي أو مَلالُ حبيبي
وبالإسناد: قال الحافظ أبو القاسم: قال لنا أبو عبد الله محمد بن الحسين ابن أحمد المِلْحي: السابق أبو اليمن ابن الخضر المعرّي شاعر مجيد، ويضع القلادة في الجيد، كثير المختار في الهجاء والتمجيد، عالم في اللغة والنحو؛ وصل إلى بغداد وعاشر العلماء بها والشعراء، وأسمعهم شعره، كالأبيوردي وطبقته، وعرف كلٌّ منهم إحسانه، وما خُصّ به من هذا الفن زمانه، واستفاد من جميع الأئمة كلَّما يحتاج إليه الشاعر المفلق، والبليغ المحقق، حتى لحق بطبقتهم.