للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عده نصوص الصفات من المتشابه، تسليمًا للجهمية القائلين إن لها ظاهرا غير مراد، ولا يعلم تأويلها إلا الله. علمًا بأن السلف لم يقروا الجهمية، فلا بد إذًا من القول بأن نصوص الصفات ليست من المتشابه إذا أريد فهم المعنى (١).

وأما المتكلمون الذين ينفون الصفات - كلها أو بعضها- فقد عدوا نصوص الصفات من المتشابه كذلك.

وقد يتمسك بعضهم بعبارات للأئمة توهموا أنها تفيد تفويض المعنى، ومن ثَمَّ القول بأن نصوص الصفات من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله، ومن ذلك قولهم: «أمروها بلا تفسير)، وقول الإمام مالك: «الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» (٢).

ومراد الأئمة من قولهم: (أمروها بلا تفسير) أو (لا تفسر) أو (تمر كما جاءت)، أحد معنيين؛ إما أن يريدوا: لا تفسر الكيفية، لأنها غير مدركة للخلق، أو أنها تمر كما جاءت دون تفسير الجهمية الذي حقيقته التحريف.

فظهر من شرح عبارات أهل العلم أنهم لا يقولون إن نصوص الصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، بل هي واضحة معلومة عند السامعين، وأن المنكر عندهم هو تفسيرها تفسير الجهمية - الذي حقيقته التحريف والتبديل - وأن الكيفية كذلك لا تفسر، لأنها غير معلومة لنا.


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/ ٢٩٦).
(٢) هذا الخبر مروي عن الإمام مالك من عدة طرق، أجودها طريق عبد الله بن وهب أخرجها البيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٣٠٤)، برقم (٨٦٦) وعن طريقه الذهبي في العلو (ص ١٠٣)، والطريق الثاني عن يحيى بن يحيى أخرجها الدارمي في الرد على الجهمية (ص ٥٥ - ٥٦) رقم (١٠٤)، و البيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٣٠٥) برقم (٨٦٧) وفي الاعتقاد (ص ١١٦)، والصابوني في اعتقاد أهل الحديث (ص ١٧ - ١٩) برقم (٢٥، ٢٦)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٢٣٥، ٣٢٦)، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٨)، برقم (٦٦٤).

<<  <   >  >>