للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشعرية (١)، إلا أنهم نفوا أن يقال: (خطاب الله)؛ لأن الخطاب يستلزم مخاطِبًا ومخاطَبًا، وهذا يستلزم وجود مخاطَب قديم مع الله؛ لذا قالوا: (كلام الله)، أو مدلول أو مقتضى خطاب الله؛ لما سبق أن الكلام النفسي لا يخاطب به (٢).

الثانية: لا يمنع أن تكون العلل والأسباب مؤثرة -بإذن الله-؛ لأنّ أحاد كلامه حادث، ولا يمنع تعليل الحادث بالحادث. فكلامه صفة فعلية إرادية قائمة بذاته العلية، يتكلَّم متى شاء، وأفعاله سبحانه معلَّلة.

أما القائل بإثبات الكلام النفسي، فإن العلل الشرعية ليست مؤثرة، بل هي أمارات لا غير؛ لأنّها حادثة، والحكم قديم، ويستحيل عقلًا أن يؤثر الحادث في القديم، لكن لا يمنع أن يكون الحادث معرِّفًا للقديم (٣).

والقول بأنها موجبة يلزم منه تعليل القديم؛ لأن معناه أن الحكم وجب بتلك العلة، أو يلزم منه القول بأن كلام الله محدث.

الثالثة: منع تفاضل كلام الله تعالى بعضه على بعض (٤)، بناء على مأخذين يتعلقان بصفة الكلام: «أحدهما: أن صفات الرَّب لا يكون بعضها أفضل من بعض، وقد يعبِّرون عن ذلك بأن القديم لا يتفاضل، والثاني: أنه واحد، والواحد لا يتصور فيه تفاضل ولا تماثل، وهذا على قول من يقول إنه واحد بالعين» (٥).


(١) كالقاضي في التقريب والإرشاد (١/ ٣٣٦)، والغزالي في الاقتصاد في الاعتقاد (ص ٣٧)، والسبكي في الابهاج (١/ ٤٣).
(٢) عبر الأشعرية (بخطاب الله)، ولهم توجيهات يرجع إليها في تخريج الأصول على الأصول (ص ٥٨).
(٣) انظر: المحصول (٥/ ١٢٧)، نفائس الأصول (١/ ٢٢٠)، البحر المحيط (٥/ ١١٢)، وشرح مختصر الروضة (١/ ٢٥٦)، والإبهاج (١/ ٤٧)، وتخريج الأصول على الأصول (ص ٧١٣).
(٤) الواضح (١/ ٢٥٤)، وانظر الفروع (٢/ ١٧٤) سلاسل الذهب (١٥٩ - ١٦٠)، وانظر: البرهان في علوم القرآن (١/ ٥٢٢).
(٥) مجموع الفتاوى (١٧/ ١٦٢ - ١٦٣)، وانظر منه: (١٧/ ٥٢ - ٥٣).

<<  <   >  >>