للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الزركشي أصل الخلاف في الكلام هل هو حقيقة في اللفظ أو في المعنى القائم بالنفس أو مشترك؟ وبيَّن عوده إلى أن الكلام صفة ذاتية أو فعلية، ثم قال: «ولعله أيضًا منشأ الخلاف في تفضيل بعض القرآن على بعض» (١).

وعليه فإن قيل إن كلام الله صفة ذاتية فيكون الكلام واحدًا، فلا يعقل فيه تبعض، فضلًا عن أن يعقل فيه فاضل ومفضول، وإذا كان الكلام كذلك، فالقرآن كذلك؛ لأنه كلام الله (٢).

وإن قيل إن الكلام صفة فعلية، فمعنى ذلك جواز تبعضه، وإذا جاز تبعضه، جاز كون بعضه أفضل من بعض، وإذا جاز فيه ذلك، جاز في القرآن؛ لأنه كلام الله.

وهذه المسألة من المسائل التي ذكرها بعض الأصوليين (٣) وليست هي من صميم أصول الفقه، ولهذا لم يعقد لها كثير من الأصوليين بحثًا مستقلًا، وإنما أشار إليها بعضهم عند حديثهم عن مسائل أخرى، خاصة في باب النسخ.

الرابعة: ترجمة القرآن ليست قرآنًا؛ لأن القرآن هو هذا النظم المعجز، وبالترجمة يزول الإعجاز فلم يجز (٤)، إذ القرآن هو اللفظ والمعنى (٥) «فإذا غُيِّر خرج عن نظمه، فلم يكن قرآنًا ولا مثله، وإنما يكون تفسيرًا له» (٦).


(١) سلاسل الذهب (١٥٩ - ١٦٠)، وانظر: البرهان في علوم القرآن (١/ ٥٢٢).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٣/ ١٧٨)، الجامع لأحكام القرآن (١/ ١٠٩)، مجموع الفتاوى (١٧/ ٥٢ - ٥٣).
(٣) انظر: شرح الكوكب (٢/ ١١٨).
(٤) المجموع (٣/ ٣٤١).
(٥) وردت هذه المسألة عند الأصوليين استطرادًا وجوابًا على ما نقل عن أبي حنيفة في التعليل بجواز الصلاة بالقراءة بغير العربية.
انظر: كشف الأسرار (١/ ٧٤)، التقرير والتحبير (٢/ ٢١٣ - ٢١٤)، شرح منار الأنوار لابن ملك (٩)، فواتح الرحموت (٢/ ٨).
(٦) المغني (٢/ ١٥٨).

<<  <   >  >>