للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن اعتقد عدم الملازمة بين الأمر والإرادة، وأن الكونية منفصلة عن الشرعية، ذهب إلى عدم اشتراط الإرادة في الأمر (١).

والتحقيق في العلاقة بين الإرادتين هي: أن (الأقسام أربعة:

(أحدها): ما تعلقت به الإرادتان، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فإن الله أراده إرادة دين وشرع، فأمر به وأحبه ورضيه، وأراده إرادة كون فوقع، ولولا ذلك لما كان.

(والثاني): ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة، فعصى ذلك الأمر الكفار والفجار، فتلك كلها إرادة دين، وهو يحبها ويرضاها لو وقعت ولولم تقع.

و (الثالث): ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط، وهو ما قدره وشاءه من الحوداث التي لم يأمر بها: كالمباحات والمعاصي، فإنه لم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها، إذ هو لا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لها، لما كانت ولما وجدت، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

و (الرابع): ما لم تتعلق به هذه الإرادة ولا هذه، فهذا مالم يكن من أنوع المباحات والمعاصي) (٢).

الثامنة: تعليل الأحكام بنيت على القول باشتراط الإرادة لصحة الأمر، وذلك أن من قال إنه يأمر بما لا يريد فعنده أن ما لا يريده لا مصلحة فيه، ولذا يلزم على قوله أن الأحكام لا يشترط أن تكون معللة.


(١) انظر: أسباب الخلاف للسهلي (ص ٣٧٠)، قواطع الأدلة (١/ ٩١ - ٩٢)، الوصول لابن برهان (١/ ١٣٢) المسائل المشتركة للعروس (ص ١٢٣).
(٢) منهاج السنة (١/ ١٤٦).

<<  <   >  >>