للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المولى أنه لا يحب المكروه، فمعناه: أنّه لا يريد وقوعه ممن لم يقع منه، أمّا من وقع منه فلا يوصف بعد وقوعه بالكراهة (١).

وأما أهل السنة فقالوا: المكروه مخالف لمقتضى الأمر، فهو مكروه لله كراهية دينية شرعية؛ لأنّها هي الملازمة للأمر، لكن إذا فعله المكلف فقد تعلقت به الإرادة الكونية القدرية، وإذا لم يفعله فلم تتعلق به، لملازمة الإرادة الكونية للوقوع (٢).

السادسة: ذهبت المعتزلة إلى أن المباح غير مراد، كما أنّه غير مكروه؛ لأنّه ليس مأمورًا به، والإرادة تابعة للأمر وملازمة له.

وذهبت الأشعرية إلى أن المباح إذا فعله المكلف فهو مراد لله؛ لأنّ الإرادة عندهم ملازمة للوقوع، وإذا لم يقع المباح فهو غير مراد لله.

وأهل السنة والجماعة، الذين جعلوا الوقوع تابعًا للمشيئة، والرضا تابعًا للأمر، قالوا: المباح غير مراد، ولا مكروه شرعًا؛ لعدم الأمر به أو النهي عنه، وأمّا قدرًا وكونًا؛ فإنّه تابع لوقوعه (٣).

السابعة: مما سبق يعلم مسألة اشتراط الإرادة في الأمر، فمن ذهب إلى أن بين الأمر والإرادة الكونية ملازمة، أو هما شيء واحد، ذهب إلى اشتراط الإرادة في الأمر.


(١) قال إمام الحرمين: في التلخيص (١/ ١٧١): «فإن قيل: إذا تحقق وقوع الفعل، فهل تقولون إنّه مكروه؟ قلنا: هذا مما نتحاشى منه، فإنَّ الرب عزَّ اسمُه، موجد الأفعال ومخترعها، فلا يوجد إلا ما يريد، فإطلاق القول بأن الفعل الواقع مكروه له زلل … ».
(٢) تخريج الأصول على الأصول للعمري (٦٣٢)، وانظر: التقريب والإرشاد (١/ ٣٠٢) ميزان الأصول للسمرقندي (ص ١٤٤).
(٣) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٦٩١)، انظر: التلخيص (١/ ١٢٥٥)، البحر المحيط (١/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>