للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه في الوقت، وإن لم يحصل الامتثال؛ إلا أنّ للتكليف به فائدة أخرى، هي ابتلاء عزم المكلف على الفعل (١).

الرابعة: متعلق الإرادة من الخصال في الواجب المخير عند المعتزلة، هو متعلق الأمر؛ لأنّهم جعلوا الإرادة ملازمة للأمر، فكل ما أمر الله تعالى به شرعًا، فقد أراد وقوعه كونًا وقدرًا، سواء وقع أو لم يقع، وعليه فإن كانت الخصال جميعًا مأمورًا بها، بحيث يجوز الجمع بينها شرعًا، فجميعها مرادة لله تعالى، وإن كان الأمر لم يتعلق بها جميعًا، بل بإحدها بأن يكون الجمع بينها غير جائز شرعًا، فمتعلق الإرادة إحدى الخصال فقط.

أمّا الأشعرية فلم يجعلوا للأمر علاقة بالإرادة، بل جعلوا الإرادة ملازمة للوقوع، فكلُّ ما وقع كونًا وقدرًا، فقد أراده الله تعالى، سواء وافق أمره الشرعي أو خالفه؛ وبناء عليه، فإذا فعل المكلف إحدى الخصال فهي المرادة، وإذا فعلها جميعًا فكذلك.

وأمّا أهل السنة، فإنّهم قسموا الإرادة إلى: شرعية وكونية، وفرقوا بينهما، ومن ثمَّ فالخصال المأمور بها مرادة لله، إرادة شرعية، وأمّا المراد قدرًا من تلك الخصال فهو ما وقع، وفعله المكلف (٢).

الخامسة: ذهبت المعتزلة إلى أنَّ المكروه غير مراد لله مطلقًا؛ لأنّ المكروه مضاد للأمر، فهو مضاد للإرادة مطلقًا، أي: إرادة المشيئة، وإرادة المحبة.

وذهب الأشعرية إلى أنّه مراد لله؛ لتلازم الإرادة والوقوع عندهم، وإخبار


(١) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٣٧٤)، وانظر: البحر (ا/ ٣٧١ - ٣٧٢)، المسودة (ص ٥٣).
(٢) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٤٩٣ - ٤٩٤)، انظر: التلخيص للجويني (١/ ٣٧٢ - ٣٧٣)، البحر المحيط (١/ ٢٠٠)، قواطع الأدلة (١/ ١٧٥).

<<  <   >  >>